نام کتاب : الحکمة من بلاء و الموقف المنه نویسنده : الشیخ مقداد الربیعي جلد : 1 صفحه : 112
المُلك لم يقع في ذكره، و لم يُنسه عبوديته و مسكنته بل إنما وقع في نفسه في صورة نعمة أنعمها عليه ربه فذكر ربه و نعمته أنعمها عليه و على والديه بما خصهم به.
وفي الحقيقة يمثل الشكر وجه مهم من وجوه تنزيه الله وشعبة من شعب التوحيد الأفعالي لما فيه من اعتقاد واعتراف بأن لا مؤثر في الوجود غيره تعالى وإن الأمر كله لله، وغيره لا يملك لنفسه ولا لغيره ضراً ولا نفعاً، من هنا نفهم الارتباط بين الشكر والذكر والوجه بأمره تعالى لعباده بالشكر حين قال: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ([246]).
الثاني: استعمال النعمة في المحل الذي أراده المنعم منها.
ويكفي فيه ما رواه القرآن حكاية عن القوم المؤمنين الذين نصحوا قارون: لا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المفْسِدِينَ([247]).
فشكره تعالى على نعمة من نعمه أن يُذكر عند استعمالها ويوضع النعمة في الموضع الذي أراده منها ولا يتعدى ذلك.
قال الجرجاني: (الشكر صرف العبد جميع ما أنعمه الله تعالى فيما خلق لأجله)([248]).