نام کتاب : الجَلِيُّ في عِصْمَةِ آلِ النَبِيِّ نویسنده : الشیخ باسم الحلي جلد : 1 صفحه : 38
مناقشة قيد التحدّي !!
ذكر مشهور أهل السنّة ، ووافقهم جماعة من أصحابنا ، أنّ المعجزة : الأمر الخارق للعادة ، الذي يتعذّر على البشر ، مقروناً بالتحدّي .
وغاية مقصودهم من هذا القيد –لو سلّمناه- أنّ المعجزة لو وقعت من غير النبيّ سُمِّيت كرامة ، فلا تدلّ على نبوّة ناهيك عن عصمة ؛ وإلاّ وقع اللبس بين النبيّ وبين غيره من بقيّة النّاس ممّن لا يسوغ الانقياد المطلق لهم كما هو للمعصوم .
قلت : فآصف بن برخيا عليه السلام قد جاء بمعجزة مقرونة بالتحدّي ، هاك قوله تعالى : قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ ...، قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ([63]).
وهذا الخضر صلوات الله عليه ، وهو عين المعجزة ، تحدّى موسى فقال : إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً، وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً([64]).
وكذا سيدتنا مريم التي : أتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَامَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَاأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وهذا عين التحدّي ؛ فمولاتنا مريم أثبتت صدقها وأنّها مصطفاة مبعوثة من قبل الله تعالى ، بهذه المعاجز المقرونة بالتحدّي .
الزبدة : فالمعجزة بقيد التحدّي جارية في كلّ معصوم ، نبياً كان ، أم وصيّاً ، أم معصوماً . بلى متعلقّ التحدّي في الأنبياء النبوّة ، وفي غيرهم من المعصومين الإمامة أو العصمة ، وننبّه أنّه لا يشترط في التحدّي اللفظ ، فيكفي الحال .