غاية الأمر؛ قضت حكمة الله تعالى أنْ لا يقع هذا إلاّ بإذنه سبحانه، فعزرائيل قادر تكويناً على أن يقبض الأرواح ، منذ أنْ أوجده الله تعالى، غاية الأمر قضى سبحانه أن لا يكون هذا حين القبض إلاّ بإذنه سبحانه ؛ إذ الحاكم في الوجود قوله تعالى: يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ([54])..

وعلى هذا يحمل مثل قوله سبحانه وتعالى: أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ([55]).

فعيسى قادر أن يدبّر كلّ ذلك، منذ أن أوجده الله تعالى، لكن لا يقع من عيسى تدبير إلاّ بإذنه وتقديره سبحانه ؛ إذ المدبّر الحقيقي لكلّ شيء، بنحو العلّة التامّة، هو الله تعالى لا غير، وسيأتي البسط في هذا في كتابنا القضاء والقدر إذا أذن الله تعالى.

الزبدة :

لكلّ معصوم ولاية تأثير تدبيريّة (=تكوينيّة) ، بعض الغرض الإلهي منها أنّها معجزةٌ تثبت عصمته ، وصدقه إذا أخبر عن الغيب القدسي ، سواء كان نبيّاً كموسى ، أو وصياً كالخضر ، أو معصوماً كمريم ؛ فكلّهم أخبر عن غيب الله الذي لا يعلمه إلاّ هو سبحانه ، وولاية مريم التكوينيّة معلومة ضرورة ؛ فإنّها صلوات الله عليها هزّت النخلة اليابسة فتساقط عليها رطباً جنيّاً ، وقد مرّ اقرار ابن تيمية بهذا .

[54] سورة الرعد: 39.

[55] سورة آل عمران: 49.