المفهوم الثالث

الولاية التكوينيّة = التدبيريّة

الولاية التدبيريّة -ولك أن تقول التكوينيّة -: هي تصـرّف موجودات العالم الأشرف، بموجودات العالم الأدنى، تصرّفاً تكوينياً، بإذن الله تعالى ، وأصلها في القرآن قوله تعالى: )فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا (([52]) ونحوها من الآيات.

قال الطبري (310هـ): فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا الملائكة المدبّرة ما أُمرت به من أمر الله، وكذلك قال أهل التأويل ([53]).

قلت: وعلى هذا إجماع أهل القبلة، وأفضل مثال يوضّح أبعادها، ولاية عزرائيل صلوات الله عليه في قبض أرواح الموجودات الأدنى، وولاية جبرائيل في إنزال الأمر، وولاية إسرافيل وميكائيل في إنزال الرزق والخير والنصر والظفر..

ومن ذلك ولاية الخضر عليه السلام في اخضرار ما يجلس عليه، ومن ذلك أيضاً أنّ من اصطفاهم الله تعالى من بني إسرائيل...؛ موسى وهارون، ومَنْ بعدهما يوشع وطالوت :، لا يضعون التابوت في حرب إلاّ والنصـر حليفهم، وسيأتي بعض البسط في الفصل الثاني.

ويجب التنبيه إلى أمرٍ؛ فلكلّ أهل العصمة، الأنبياء والأوصياء، ولاية تدبيريّة فيما دونهم من الموجودات - حسب درجاتهم - دون استثناء؛ ففي كلّهم : الأهليّة التامّة لإحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، والإتيان بعرش بلقيس قبل ارتداد الطرف، وأن لا يحترق بنار إبراهيم ، وأن لا تأكل الأرض بدنه المقدّس إذا مات،

[52] سورة النازعات: 5.

[53] تاريخ الطبري (ت: أحمد محمد شاكر) 24: 185. مؤسسة الرسالة، بيروت.