نام کتاب : جدالٌ بالأحسَنِ معَ أَحمد الحسَن نویسنده : السید علي الحسیني جلد : 1 صفحه : 50
فلو قال
لك إنسان عالم بالغيب ومآل الأمور: إذا كنت تريد شرب الماء فاشرب من هنا وأنا
الضامن أنك لن تسقى السم أبداً من هذا الموضع، ثم إنك سُقيت في ذلك الموضع سماً
فماذا يكون الضامن ؟ هو إما جاهل، وإما كاذب من الأساس، أو عجز عن الضمان، أو اخلف
وعده، فهل يمكن أن يقبل من يؤمن بالله أن يصف الله بالجهل أو بالكذب أو العجز أو
خلف الوعد ؟! تعلى الله عن ذلك علواً كبيراً .
وقد
تكفّل الله في القرآن وفيما روي عنهم (ع) بحفظ النص الإلهي من أن يدعيه أهل
الباطل، فأهل الباطل مصروفون عن ادعائه، فالأمر ممتنع كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ
(44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ
(46) ﴾ [الحاقة: 44 ـ
46].
ومطلق التقوّل على الله موجود دائماً ولم يحصل أن
منعه الله، وليس ضرورياً أن يُهلك الله المتقولين مباشرة، بل أنه سبحانه أمهلهم
حتى حين، وهذا يعرفه كل من تتبع الدعوات الظاهرة البطلان كدعوة مسيلمة، فأكيد ليس
المراد في الآية مطلق التقول على الله، بل المراد التقول على الله بادعاء القول
الإلهي الذي تقام به الحجة، عندها يتحتم أن يتدخل الله ليدافع عن القول الإلهي
الذي تقام به الحجة، وهو النص الإلهي الذي يوصله خليفة الله لتشخيص من بعده
والموصوف بأنه عاصم من الضلال؛ حيث إنّ عدم تدخله سبحانه مخالف للحكمة، ومثال
هذا القول أو النص: وصية عيسى (ع) بالرسول محمد (ص)، ووصية الرسول محمد (ص)
بالأئمة والمهديين (ع) . فالآية في بيان أنّ هذا التقول ممتنع، وبالتالي فالنص محفوظ لصاحبه ولا
يدعيه غيره، وتوجد روايات تُبيِّن أنّ الآية في النص الإلهي على خلفاء الله
بالخصوص، فهو نص إلهي لابد أن يحفظه الله حتى يصل إلى صاحبه، فهو نص إلهي محفوظ من
أي تدخل يؤثر عليه سواء كان هذا التدخل في مرحلة نقله إلى الخليفة الذي سيوصله، أم
في مرحلة ـ أو مراحل ـ وصوله إلى الخليفة الذي سيدعيه. وهناك روايات بيَّنت هذه الحقيقة، وهي أنّ التقول في هذه الآية هو
بخصوص النص الإلهي: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (ع)
قَالَ: (سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: يُرِيدُونَ
لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ، قَالَ: يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا
وَلَايَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع) بِأَفْوَاهِهِمْ. قُلْتُ: وَاللَّهُ
مُتِمُّ نُورِهِ، قَالَ: وَاللَّهُ مُتِمُّ الْإِمَامَةِ ... قُلْتُ:
قَوْلُهُ: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، قَالَ: يَعْنِي
جَبْرَئِيلَ عَنِ اللَّهِ فِي وَلَايَةِ عَلِيٍّ (ع). قَالَ: قُلْتُ: وَما
هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ، قَالَ: قَالُوا إِنَّ
مُحَمَّداً كَذَّابٌ عَلَى رَبِّهِ وَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهَذَا فِي عَلِيٍّ
فَأَنْزَلَ اللَّهُ بِذَلِكَ قُرْآناً، فَقَالَ: إِنَّ وَلَايَةَ عَلِيٍّ
تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ. وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا مُحَمَّدٌ بَعْضَ
الْأَقاوِيلِ. لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ
الْوَتِينَ) [الكافي:ج1ص434]. كما أنّ الإمام الصادق (ع) يقول: (إنّ هذا الأمر لا يدعيه غير صاحبه إلا تبر
الله عمره) [الكافي للكليني:ج1ص372].
فالمبطل مصروف عن ادعاء الوصية الإلهية الموصوفة بأنها تعصم من تمسك بها من
الضلال، أو أنّ ادعاءه لها مقرون بهلاكه قبل أن يظهر هذا الادعاء للناس، حيث إنّ
إمهاله مع ادعائه الوصية يترتب عليه إما جهل وإما عجز أو كذب من وعد المتمسكين به
بعدم الضلال، وهذه أمور محالة بالنسبة للحق المطلق سبحانه، ولهذا قال تعالى: (
لأخذنا منه باليمين ، ثمّ لقطعنا منه الوتين ) وقال الصادق (ع) : ( تبر الله عمره
) .
نام کتاب : جدالٌ بالأحسَنِ معَ أَحمد الحسَن نویسنده : السید علي الحسیني جلد : 1 صفحه : 50