نام کتاب : سنن النبي ( ص ) ( مع ملحقات ) نویسنده : السيد الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 74
أحاطت بهم من كل جهة ، فكانت نفسه الشريفة آية ، وتكلمه في المهد آية ، وإحياؤه الموتى ، وخلقه الطير ، وإبراؤه الأكمه والأبرص ، وإخباره عن المغيبات ، وعلمه بالتوراة والإنجيل والكتاب والحكمة آيات إلهية لا تدع لشاك شكا ولا لمرتاب ريبا ، فاختيارهم آية لأنفسهم وسؤالهم إياه كان بظاهره كالعبث بآيات الله واللعب بجانبه ، ولذلك وبخهم بقوله : " اتقوا الله إن كنتم مؤمنين " . لكنهم أصروا على ذلك ووجهوا مسألتهم بقولهم : " نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين " [1] وألجأوه إلى السؤال فسأل . أصلح ( عليه السلام ) بأدبه الموهوب من جانب الله سبحانه ما اقترحوه من السؤال بما يصلح به أن يقدم إلى حضرة العزة والكبرياء ، فعنونه أولا بعنوان أن يكون عيدا لهم يختصون هو وأمته به فإنها آية اقتراحية عديمة النظير بين آيات الأنبياء ( عليهم السلام ) حيث كانت آياتهم إنما تنزل لإتمام الحجة أو لحاجة الأمة إلى نزولها ، وهذه الآية لم تكن على شئ من هاتين الصفتين . ثم أجمل ثانيا ما فصله الحواريون من فوائد نزولها من اطمئنان قلوبهم بها وعلمهم بصدقه ( عليه السلام ) وشهادتهم عليها ، في قوله : " وآية منك " . ثم ذكر ثالثا ما ذكروه من عرض الأكل وأخره وإن كانوا قدموه في قولهم : " نريد أن نأكل منها . . . الخ " وألبسه لباسا آخر أوفق بأدب الحضور فقال : " وارزقنا " ثم ذيله بقوله : " وأنت خير الرازقين " ليكون تأييدا للسؤال بوجه ، وثناء له تعالى من وجه آخر . وقد صدر مسألته بندائه تعالى : " اللهم ربنا " فزاد على ما يوجد في سائر أدعية الأنبياء ( عليهم السلام ) من قولهم " رب " أو " ربنا " لأن الموقف صعب كما تقدم بيانه . ومنه مشافهته ( عليه السلام ) ربه المحكية بقوله تعالى : " وإذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن