نام کتاب : سنن النبي ( ص ) ( مع ملحقات ) نویسنده : السيد الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 73
ربه ، فقد صرف دهره في سلوك سبيل الإنابة والمسألة حتى وقف موقفا يرق له قلب كل ناظر رحيم ثم سأل الولد وعلله بأن ربه سميع الدعاء . فهذا معنى ما ذكره مقدمة لمسألته لا أنه كان يمتن بطول عبوديته على ربه - حاشا مقام النبوة - فمعنى قوله على ما في سورة آل عمران : " رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء " أني أسألك ما أسألك لا لأن لطول عبوديتي - وهو دعاؤه المديد - قدرا عندك أو فيه منة عليك بل لأني أسألك وقد وجدتك سميعا لدعاء عبادك ومجيبا لدعوة السائلين المضطرين ، وقد اضطرني خوف الموالي من ورائي ، والحث الشديد لذرية طيبة تعبدك أن أسألك . وقد تقدم أن من الأدب الذي استعمله في دعائه أن ألحق تخوف الموالي قوله : " واجعله رب رضيا " والرضي وإن كان طبعه يدل بهيئته على ثبوت الرضا لموصوفه ، والرضا يشمل بإطلاقه رضا الله ورضا زكريا ورضا يحيى ، لكنه قوله في آية آل عمران : " ذرية طيبة " يدل على أن المراد بكونه رضيا كونه مرضيا عند زكريا ، لأن الذرية إنما تكون طيبة لصاحبها لا غير . ومن ذلك ما حكاه الله سبحانه عن المسيح حين سأل المائدة بقوله : " قال عيسى بن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين " [1] . القصة المذكورة في كلامه تعالى في سؤال الحواريين عيسى ( عليه السلام ) نزول مائدة من السماء عليهم تدل بسياقه أن هذه المسألة كانت من الأسئلة الشاقة على عيسى ( عليه السلام ) ، لأن ما حكي عنهم من قولهم له : " يا عيسى بن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء " [2] كان أولا مشتملا بظاهره على الاستفهام عن قدرة الله سبحانه ، ولا يوافق ذلك أدب العبودية وإن كان حاق مرادهم السؤال عن المصلحة دون أصل القدرة فإن حزازة اللفظ على حالها . وكان ثانيا متضمنا لاقتراح آية جديدة مع أن آياته ( عليه السلام ) الباهرة كانت قد