نام کتاب : سنن النبي ( ص ) ( مع ملحقات ) نویسنده : السيد الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 71
لياقة الاستعطاء واستحقاق العطاء استغراقا في الحياء والخجل ، والدليل على مسألته قوله تعالى بعد الآية السابقة : " فاستجبنا له ونجيناه من الغم " [1] . والدليل على أن مسألته كانت هي الرجوع إلى سابق مقامه قوله تعالى : " فنبذناه بالعراء وهو سقيم * وأنبتنا عليه شجرة من يقطين * وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون * فآمنوا به فمتعناهم إلى حين " [2] . ومن ذلك ما ذكره الله تعالى عن أيوب ( عليه السلام ) بعد ما أزمنه المرض وهلك عنه ماله وولده حيث قال : " وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين " [3] . وجوه التأدب فيه ظاهرة مما تقدم بيانه ، ولم يذكر ( عليه السلام ) حاجته صريحا على حد ما تقدم من أدعية آدم ونوح وموسى ويونس ( عليهم السلام ) هضما لنفسه واستحقارا لأمره ، وأدعية الأنبياء كما تقدم ويأتي خالية عن التصريح بالحاجة إذا كان مما يرجع إلى أمور الدنيا وإن كانوا لا يريدون شيئا من ذلك اتباعا لهوى أنفسهم . وبوجه آخر ذكره السبب الباعث إلى المسألة كمس الضر والصفة الموجودة في المسؤول المطمعة للسائل في المسألة ككونه تعالى أرحم الراحمين ، والسكوت عن ذكر نفس الحاجة أبلغ كناية عن أن الحاجة لا تحتاج إلى ذكر ، فإن ذكرها يوهم أن الأسباب المذكورة ليست بكافية في إثارة رحمة من هو أرحم الراحمين ، بل يحتاج إلى تأييد بالذكر وتفهيم باللفظ . ومن ذلك ما حكاه عن زكريا ( عليه السلام ) : حيث قال : " ذكر رحمة ربك عبده زكريا * إذ نادى ربه نداء خفيا * قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا * وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا * يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا " [4] . إنما حثه على هذا الدعاء ورغبه في أن يستوهب ولدا من ربه ما شاهده