فقالوا له : أو بعضه [1] ، فأما كاله فلا . فقال لهم : فمن هنا أتيتم . وكذلك أحاديث رسول الله ( ص ) . فأما ما ذكرتم من إخبار الله عز وجل إيانا في كتابه عن القوم الذين أخبر عنهم بحسن فعالهم ، فقد كان مباحا جائزا ، ولم يكونوا نهوا عنه ، وثوابهم منه على الله عز وجل ، وذلك أن الله جل وتقدس أمر بخلاف ما عملوا به ، فصار أمره ناسخا لفعلهم ، وكان نهى الله تبارك وتعالى رحمة منة للمؤمنين ونظرا ، لكيلا يضروا بأنفسهم وعيالاتهم ، منهم الضعفة الصغار ، والولدان ، والشيخ الفاني ، والعجوز الكبيرة الذين لا يصبرون على الجوع ، فإن تصدقت برغيفي ولا رغيف لي غيره ضاعوا وهلكوا جوعا ، فمن ثم قال رسول الله ( ص ) : " خس تمرات أو خمس قرص أو دنانير أو دراهم يملكها الانسان وهو يريد أن يمضيها ، فأفضلها ما أنفقه الانسان على والديه ، ثم الثانية على نفسه وعياله ، ثم الثالثة على قرابته الفقراء ، تم الرابع على جيرانه الفقراء ، ثم الخامسة في سبيل الله ، وهو أخسها أجرا " . وقال رسول الله ( ص ) للأنصاري - حين أعتق عند موته خمسة أو ستة من الرقيق ، ولم يكن يملك غيرهم ، وله أولاد صغار - : " لو أعلمتموني أمره ما تركتكم تدفنونه مع المسلمين . يترك صبية صغارا يتكففون [2]
[1] في الطبعة الحجرية : ج 1 ، ص 345 : ( بعضه . فأما كله . . . ) وفي مقياس الهداية : ج 1 ، ص 76 ( كله أو بعضه ؟ فأما كله فلا ) . [2] " يتكففون الناس " : يسألون الناس بأكفهم يمدونها إليهم . ( لسان العرب : ج 9 ، ص 303 " كفف " ) .