نام کتاب : النص والإجتهاد نویسنده : السيد شرف الدين جلد : 1 صفحه : 160
" قوموا " ظاهر في استيائه منهم ، ولو كان الممانعون مصيبين لأستحسن ممانعتهم وأظهر الارتياح إليها . ومن ألم بأطراف هذا الحديث ، ولا سيما قولهم : " هجر رسول الله " يقطع بأنهم كانوا عالمين أنه إنما يريد أمرا يكرهونه ، ولذا فاجؤوه بتلك الكلمة وأكثروا عنده اللغو واللغط والاختلاف كما لا يخفى . وبكاء ابن عباس بعد ذلك لهذه الحادثة وعدها رزية دليل على بطلان هذا الجواب . قال المعتذرون : إن عمر كان موفقا للصواب في أدراك المصالح ، وكان صاحب إلهام من الله تعالى . وهذا مما لا يصغى إليه في مقامنا هذا لأنه يرمي إلى أن الصواب في هذه الواقعة إنما كان في جانبه ، لا في جانب النبي ، وأما إلهامه يومئذ كان أصدق من الوحي الذي نطق عنه الصادق الأمين صلى الله عليه وآله . وقالوا : بأنه أراد التخفيف عنه صلى الله عليه وآله إشفاقا عليه من التعب الذي يلحقه بسبب إملاء الكتاب في حال المرض ، وأنت تعلم أن في كتابة ذلك الكتاب راحة قلب النبي ، وبرد فؤاده وقرة عينه ، وأمنه على أمته صلى الله عليه وآله من الضلال . على أن الأمر المطاع ، والإرادة المقدسة مع وجوده الشريف إنما هما له ، وقد أراد - بأبي وأمي - إحضار الدواة والبياض ، وأمر به فليس لأحد أن يرد أمره أو يخالف إرادته ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ) [217] . على أن مخالفتهم لآمره في تلك المهمة العظيمة ، ولغوهم ولغطهم واختلافهم عنده كان أثقل عليه وأشق من إملاء ذلك الكتاب الذي يحفظ أمته من الضلال