responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح أصول الكافي نویسنده : مولي محمد صالح المازندراني    جلد : 1  صفحه : 93


الفريقين والناصحون بين المتخاصمين يسمعون من أحد الطرفين أقوالا ينقلون إلى أحسنها يرفع التخالف عنهم ويوقع التوافق بينهم ويندرج فيه الناظرون إلى جمال الحقايق بنور البصر والطامحون إلى قعر المعارف بغوص الفكر والمجتهدون في سبيل الحقّ بالاستدلال والنظر فانَّ كلَّ قول صدق وعقد حقّ له ضدّ ومعاند ، فإنَّ القول بأنَّ الله تعالى موجود ، عالمٌ قادرٌ حكيمٌ مثلا ضدُّ أنّه ليس بموجود كما يقول الملاحدة ، وأنّه ليس بعالم على الإطلاق كما يقوله من نفى عنه العلم بالجزئيات وأنّه ليس بقادر على إعادة الأجسام كما يقوله من نفى المعاد الجسماني أو أنّه ليس بحكيم كما يقوله من نفى التدبير عنه ، وقس عليه غير ذلك ممّا يتعلّق بالأُصول والفروع ، ومن البيّن أنَّ التمييز بين الصحيح والسقيم من هذه الأمور وغيرها لا يمكن بمجرَّد الاستماع وإلاّ لما وقع الخلاف فيها وإنّما يمكن بما هو حجّة الله تعالى على عباده وهو العقل الصحيح السليم عن غواشي الأجسام ولوابس الأوهام وذلك التمييز يتصوَّر بوجهين ، أحدهما : أنَّ العقل الصحيح إذا لاحظ الضدّين يجد منهما ما هو أحسن كما هو شأن المجرّدين من لواحق الأبدان مثل الأنبياء والأولياء .
وثانيهما : أن يدرك الأحسن من المبادي المتعلّقة به كما هو شأن المجتهدين والبشارة تشمل الجميع ( أولئك الذين هداهم الله ) يعني أولئك الموصوفون بالصفة المذكورة هداهم الله إلى خير الدّنيا والآخرة من أجل تلك الصفة ويحتمل أن يكون جواب سؤال عن سبب تبشيرهم دون غيرهم كأنّه قيل : ما لهؤلاء العباد الموصوفين بالصفة المذكورة اتّصفوا بالتبشير لهم دون غيرهم ؟ فأجيب بأنّ السبب هو اختصاصهم بالهداية واللّطف والتوفيق لسلوك سبيل الخيرات من الله سبحانه ، وعلى التقديرين لا محلّ لهذه الجملة من الاعراب ، وفيه دلالة على أنّ الهداية أمرٌ حادث من الله تعالى للعقول القابلة المستعدّة لها ( وأولئك هم أولو الألباب ) أي ذوو العقول السليمة عن التأثّر بخبايث العلائق ومفاسد العادات ، وأمّا غيرهم ممّن لم يفرّق بين الأقوال والعقائد الحسنة والقبيحة أو فرّق واتّبع القبيحة بحكم النفس الأمّارة فهو من أهل الضلالة والجهالة بحكم المقابلة وإن كان له ما يحيل به في اقتناص الدّنيا وزهراتها فإنّ ذلك عقل عند الجهلاء وشيطنة عند العقلاء .
( يا هشام : إنّ الله تبارك وتعالى أكمل للناس الحجج بالعقول ) الحجّ القصد ومنه الحجّة أي البرهان وولاة أمر الله سبحانه لأنّهما يقصدان ويعتمدان وبهما يقصد الحقّ المطلوب . وقد تطلق على العقل أيضاً كما في بعض الروايات : لله على الناس حجّتان إحداهما العقل وأخراهما الرّسول ( 1 ) . ولا يجوز إرادته هنا بخلاف الأوّلين ، فإنّه يجوز إرادة الأوّل على أن يكون الباء للسببيّة يعني أكمل للناس براهين وجوده ووجوبه وقدرته إلى غير ذلك من الصفات بسبب العقول وخلقها وتركيبها فيهم


1 - سيأتي مضمونها في هذا الباب تحت رقم 22 .

93

نام کتاب : شرح أصول الكافي نویسنده : مولي محمد صالح المازندراني    جلد : 1  صفحه : 93
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست