طائفة أُخرى مع عثمان ; وهي أقلّ الطائفتين ، وطائفة لا يبالون : أيّهما بويع . قال : فأقبل المقداد بن عمرو ; والنّاس مجتمعون ، فقال : أيّها النّاس ; اسمعوا ما أقول : أنا المقداد بن عمرو ; إنّكم إن بايعتم عليّاً سمعنا وأطعنا ، وإن بايعتم عثمان سمعنا وعصينا ; فقام عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزوميّ ، فنادى : أيّها النّاس ، إنّكم إن بايعتم عثمان سمعنا وأطعنا ، وإن بايعتم عليّاً سمعنا وعصينا . قال له المقداد : يا عدوّ الله وعدوّ رسوله وعدوّ كتابه ، ومتى كان مثلك يسمع له الصالحون ! فقال له عبد الله : يا بن الحليف العسيف ، ومتى كان مثلك يجترئ على الدخول في أمر قريش . فقال عبد الله بن سعد بن أبي سرح : أيّها الملأ إن أردتم ألاّ تختلف قريش فيما بينها ، فبايعوا عثمان ; فقال عمّار بن ياسر : إن أردتم ألاّ يختلف المسلمون فيما بينهم فبايعوا عليّاً ; ثمّ أقبل على عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، فقال : يا فاسق يا بن الفاسق ، أأنت ممّن يستنصحه المسلمون ، أو يستشيرونه في أمورهم وارتفعت الأصوات ، ونادى مناد لا يدرى من هو ! - فقريش تزعم أنّه رجل من بني مخزوم ، و الأنصار تزعم أنّه رجل طوال آدم مشرف على النّاس - لا يعرفه أحد منهم : يا عبد الرّحمن ، أفرغ من أمرك ، وامض على ما في نفسك فإنّه الصّواب . ( 1 ) ثمّ قال ابن أبي الحديد : قال الشّعبيّ : فأقبل عبد الرّحمن على عليّ بن أبي طالب ، فقال : عليك عهد الله وميثاقه ، وأشدّ ما أخذ الله على النبيّين من عهد وميثاق : إن بايعتك لتعملنّ بكتاب الله وسنّة رسوله ، وسيرة أبي بكر وعمر ! فقال عليّ ( عليه السلام ) : طاقتي ومبلغ علمي وجهد رأيي ; والنّاس يسمعون . فأقبل على عثمان ، فقال له مثل ذلك ، فقال : نعم لا أزول عنه ولا أدع شيئاً منه . ثمّ أقبل على عليّ فقال له ذلك ثلاث مرّات ، ولعثمان ثلاث مرّات ، في كلّ ذلك يجيب عليّ مثل ما كان أجاب به ، ويجيب عثمان بمثل ما كان أجاب به . فقال : ابسُط يدك يا عثمان ، فبسط يده فبايعه ، وقام القوم فخرجوا ; وقد بايعوا