E / في المعجزة الأخلاقية بعض الناس يتصور الاستسلام الذليل بين يدي المعتدي نوع من الأخلاق الحسنة ، ولكن الحسين ( عليه السلام ) يراه إلى الجبن والرذيلة أقرب منه إلى الأخلاق الحسنة . فليس من الأخلاق أن لا ترد على الذي يطغى في غيه ويتجاوز حده في المكابرة ، بل لابد من الرد حسب المقدرة وكما يقتضيه الموقف ، إما باليد أو اللسان أو القلب ، وهذا نهاية الممكن ، ولقد علمنا الحسين ( عليه السلام ) وجوب الرد على الباطل والرذيلة بالتدرج وفق موجباته وفوائده . لبيان هذا الأمر إقرأ فيما يلي : حفر أصحاب الإمام ( عليه السلام ) حول الخيمة في كربلاء خندقا وملأوه نارا حتى يكون الحرب من جهة واحدة ، فعلق ملعون من أصحاب عمر بن سعد هاتفا : عجلت يا حسين بنار الدنيا قبل نار الآخرة . فقال الحسين ( عليه السلام ) : " تعيرني بالنار وأبى قاسمها وربى غفور رحيم " ، ثم قال لأصحابه : " أتعرفون هذا الرجل " ؟ فقالوا : هو جبيرة الكلبي ( لعنه الله ) . فقال الحسين : " اللهم احرقه بالنار في الدنيا قبل نار الآخرة " . فما استتم - الحسين - كلامه حتى تحرك جواده فطرحه مكبا على رأسه في وسط النار فاحترق ، فكبر أصحاب الحسين ( عليه السلام ) ، ونادى مناد من السماء : هنيت بالإجابة سريعا يا ابن رسول الله . ( 1 ) هذه واحدة من معاجز الحسين ( عليه السلام ) ورده المناسب للموقف من ذلك الرجل المتعجرف بين تلك الجموع المترقبة . * الدروس المستفادة هنا : 1 - الردود المناسبة تصنعها أخلاق الفرد المؤمن في إطار حكمته وضروراته . 2 - الحليم يعفو ، ولكنه لأجل فائدة أهم قد يرجح الانتقام المقدس ، وهذا مالم يستطعه إلا ذو علم وأخلاق رفيعين .