E / في توضيح الحجة وثبات القدم استقبل الإمام ( عليه السلام ) قطعات ذلك الجيش - جيش حر بن يزيد الرياحي - فخطب فيهم خطابا بليغا أوضح لهم فيه انه لم يأتهم محاربا ، وإنما قدمت عليه رسلهم وكتبهم تحثه بالقدوم إليهم ، فاستجاب لهم ، قال ( عليه السلام ) بعد حمد الله والثناء عليه : " أيها الناس انها معذرة إلى الله عز وجل وإليكم . . اني لم آتكم حتى أتتني كتبكم ، وقدمت بها علي رسلكم أن أقدم علينا فإنه ليس لنا إمام ، ولعل الله أن يجمعنا بك على الهدى ، فإن كنتم على ذلك فقد جئتكم فاعطوني ما أطمئن به من عهودكم ومواثيقكم ، وان كنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي جئت منه إليكم " . هكذا يوضح الإمام حجته ويستدل على سلامة موقفه ليسلب أعداءه كل ذريعة يحتجوا بها عليه . ولكنهم أحجموا عن الجواب لأن أكثرهم كانوا ممن كاتبوه بالقدوم إليهم وبايعوه على يد سفيره مسلم بن عقيل . . وحضر وقت الصلاة فأمر الإمام مؤذنه الحجاج بن مسروق أن يؤذن ويقيم لصلاة الظهر ، وبعد فراغ المؤذن قال الإمام للحر : " أتريد أن تصلي بأصحابك ؟ " أجاب حر : بل نصلي بصلاتك . فأتموا بالإمام في صلاة الظهر ، وبعد الفراغ منها انصرفوا إلى أخبيتهم ولما حضرت وقت صلاة العصر جاء الحر مع قومه فاقتدوا بالإمام في صلاة العصر . وبعد ما فرغ الإمام من صلاة العصر إنبرى بعزم وثيق فخطب في ذلك الجيش خطابا آخر رائعا ، عسى ان يستفيقوا ، فقال بعد حمد الله والثناء عليه : " أيها الناس ، إنكم إن تتقوا الله ، وتعرفوا الحق لأهله يكن أرضى لله ، ونحن أهل البيت أولى بولاية هذا الأمر من هؤلاء المدعين ما ليس لهم ، والسائرين فيكم بالجور والعدوان ، فإن أنتم كرهتمونا وجهلتم حقنا وكان رأيكم الآن على غير ما أتتني به كتبكم انصرفت عنكم " . ودعاهم بهذا الخطاب إلى طاعة الله ، والتمسك بدعاة الحق وأئمة الهدى من أهل البيت ( عليهم السلام ) فهم أولى بهذا الأمر من بني أمية الذين أشاعوا فيهم الجور والظلم ، وعرض لهم انه ينصرف عنهم إذا تبدل رأيهم ، ونقضوا بيعتهم . . .