2 - ليس بالضرورة الإفصاح عن أسرارك ان لم يكن طرفك ذا حاجة إلى الإفصاح عنها . E / في الوداع مع الأحبة خف الحسين ( عليه السلام ) في الليلة الثانية إلى قبر جده ( صلى الله عليه وآله ) وهو حزين كئيب ليشكو إليه ظلم الظالمين له ، ووقف أمام القبر الشريف - بعد أن صلى ركعتين - وقد ثارت مشاعره وعواطفه ، فاندفع يشكو إلى الله ما ألم به من المحن والخطوب قائلا : " اللهم إن هذا قبر نبيك محمد ، وأنا ابن بنت محمد ، وقد حضرني من الأمر ما قد علمت ، اللهم إني أحب المعروف وأنكر المنكر ، وأنا أسألك يا ذا الجلال والإكرام بحق هذا القبر ومن فيه إلا ما اخترت لي ما هو لك رضي ولرسولك رضي " . وأخذ الحسين يطيل النظر إلى قبر جده ، وقد وثقت نفسه أنه لا يتمتع برؤيته ، وانفجر بالبكاء ، وقبل أن يندلع نور الفجر غلبه النوم فرأى جده الرسول ( صلى الله عليه وآله ) قد أقبل في كتيبة من الملائكة ، فضم الحسين إلى صدره ، وقبل ما بين عينيه ، وهو يقول له : " يا بني كأنك عن قريب أراك مقتولا مذبوحا بأرض كرب وبلاء ، بين عصابة من أمتي ، وأنت مع ذلك عطشان لا تسقى ، وظمآن لا تروى ، وهم مع ذلك يرجون شفاعتي يوم القيامة ، فما لهم عند الله من خلاق . حبيبي يا حسين إن أباك وأمك وأخاك قد قدموا علي ، وهم إليك مشتاقون ، إن لك في الجنة درجات لن تنالها إلا بالشهادة . . " . وجعل الحسين يطيل النظر إلى جده ( صلى الله عليه وآله ) ويذكر عطفه وحنانه عليه فازداد وجيبه وتمثلت أمامه المحن الكبرى التي يعانيها من الحكم الأموي ، فهو إما أن يبايع فاجر بني أمية أو يقتل ، وأخذ يتوسل إلى جده ويتضرع إليه قائلا : " يا جداه لا حاجة لي في الرجوع إلى الدنيا ، فخذني إليك ، وأدخلني معك إلى منزلك " . والتاع النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال له : " لابد لك من الرجوع إلى الدنيا ، حتى ترزق الشهادة ، وما كتب الله لك فيها من الثواب العظيم فإنك وأباك وأخاك وعمك وعم أبيك تحشرون يوم القيامة في زمرة واحدة حتى تدخلوا الجنة " . واستيقظ الحسين فزعا مرعوبا قد ألمت به تيارات من الأسى والأحزان وصار على يقين لا يخامره أدنى شك انه لابد أن يرزق الشهادة ، وجمع أهل بيته فقص عليهم رؤياه