خدمي وأنصاري وأهل الحق من شيعتي ، ثم آمرهم أن يأخذ كل واحد سيفه مسلولا تحت ثيابه ، ثم يصيروا بإزائي ، فإذا أنا أومأت إليهم وقلت : يا آل الرسول ادخلوا ! دخلوا وفعلوا ما أمرتهم به ، فأكون على الامتناع ، ولا أعطي المقادة والمذلة من نفسي ، فقد علمت والله أنه جاء من الامر مالا قوام به ، ولكن قضاء الله ماض في ، وهو الذي يفعل في بيت رسوله ( صلى الله عليه وآله ) ما يشاء ويرضى " . ( 1 ) قال ابن الزبير : فإني أخافه عليك إذا دخلت . قال ( عليه السلام ) : " لا آتيه إلا وأنا على الامتناع قادر " . ( 2 ) ثم صار الحسين بن علي ( عليهما السلام ) إلى منزله ، ثم دعا بماء ، فلبس وتطهر بالماء وقام فصلى ركعتين ودعا ربه بما أحب في صلاته ، فلما فرغ من ذلك قال لمن حوله من أهل بيته : إذا أنا دخلت على الوليد وخاطبته وخاطبني وناظرته وناظرني كونوا على الباب ، فإذا سمعتم الصيحة قد علت والأصوات قد ارتفعت فاهجموا إلى الدار ولا تقتلوا أحدا ولا تثيروا إلى الفتنة . ( 3 ) أجل ، هل رأيت أخلاقية سلمية تنظيمية دفاعية أعظم من هذه الأخلاقية الحكيمة ؟ فهو يعتمد المناظرة رغم موقفه الثابت من الطاغوت ، وينظم رجالا في الدفاع دون سفك دم ولا إثارة فتنة ، وهكذا كان الحسين ( عليه السلام ) يمتلك روحا إيمانية قوية ، وقلبا مطمئنا ، وعلما وافرا ، وحكمة وشجاعة . هذه الخصال والأسس تكفل في كل عصر النجاح للانسان الهادف بناء الموقف الشرعي في إطاره الأخلاقي الحكيم . * الدروس المستفادة هنا : 1 - احتقار الظالم ومندوبه مبدأ من مبادئ العزة في الأخلاق الإسلامية . 2 - التنظيم والتخطيط في العمل شرط من شروط النجاح .
1 الفتوح 5 : 12 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي 1 : 182 وفيه عوض " لا أعطي " ، " دون " وبدل " قضاء الله " " قدر الله " . 2 - تاريخ الطبري 3 : 270 ، الكامل في التاريخ 2 : 530 وفيه : " وأجلسهم على الباب وأدخل عليه " ، وقعة الطف ، 80 . 3 - المناقب لابن شهرآشوب 4 : 88 .