وفي هذا الكتاب تهديد للإمام ( عليه السلام ) بمن يخلف معاوية وهو ابنه يزيد الذي لا يؤمن بمقام الحسين ومكانته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . وعلى أي حال فقد قام الإمام ( عليه السلام ) بإنقاذ هذه الأموال من معاوية وأنفقها على الفقراء في حين أنه لم يكن يأخذ لنفسه أي صلة من معاوية ، وقد قدم له مالا كثيرا وثيابا وافرة وكسوة فاخرة فرد الجميع عليه ، وقد روى الإمام موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) ان الحسن والحسين كانا لا يقبلان جوائز معاوية ( 1 ) . هذا وكان من أخلاق الإمام الحسين أن يحمل زاد الفقراء إليهم بنفسه ليلا ودون أن يعرفوه ، لذا ورد في رواية : أنه رأوا في ظهره يوم الطف ثفنات ( 2 ) ، فسئل السجاد - ولده - ( عليه السلام ) عنها فقال : إن ذلك مما كان ينقله في الليل على ظهره للأرامل والأيتام . وجاء في رثاء هذا الإمام المظلوم : وإن ظهرا غدا للبر ينقله * سرا إلى أهله ليلا لمكسور ( 3 ) * الدروس المستفادة هنا : 1 - للإمام الحق حق التصرف فيما يصلح الأمة حتى ولو لم تكن له سلطة رسمية وبيعة علنية . 2 - مصالح الإسلام والأمة فوق أن تتعطل على أبواب الدوائر الحكومية المماطلة في أداء الحقوق إلى أصحابها . 3 - تنفيذ هذه الأمور الشرعية بيد الإمام المعصوم العارف بالأخلاق الحكيمة والتي منها الشجاعة وقوة القلب . 4 - المال في الدولة الجائرة حق الناس ، فكلما استطاع أحدهم أخذ حقه من دون ضرر جاز له ذلك .
1 - حياة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ج 2 ص 231 - 233 . 2 - جمع ثفنه ، ما في ركبة البعير وصدره ، من كثرة مماسة الأرض . 3 - الخصائص الحسينية : 23 . وفي رواية المناقب 4 : 66 جاء بهذه العبارة : هذا مما كان ينقل الجراب على ظهره إلى منازل الأرامل واليتامى والمساكين .