هذا الموقف نابع من معالي أخلاق الحسين ( عليه السلام ) وسمو ذاته وعلو درجته وفضله . ولولا هذه الرفعة الذاتية والثقل الروحي في الحسين لما صدر منه ذلك التواضع . ويا ليت الناس يتصرفون كمحمد بن الحنفية إذا غضبوا ، ويتصرفون مثل الحسين في تواضعه ومسارعته إلى الوئام ويا ليت . . . ويا ليت . . . وألف يا ليت ! ولكن الكثيرين في واد غير وادي الحسين ( عليه السلام ) . لذا ترى الحياة تحترق في نار الغضب وسوء الظن والمشادات والعداوات . والحسين ( عليه السلام ) هو الحل المهجور ! * الدروس المستفادة هنا : 1 - المبادرة إلى فض الخلافات ثمرة الأخلاق الفضلي . 2 - يجب إنهاء كل مشادة قبل تعميقها في النفوس . 3 - من الإنصاف أن يعترف الإنسان للآخرين بالحقيقة . فلا يبخسها لهم فيبين نصفها مثلا ويخفي النصف الآخر . 4 - إذا غضب الطيبون إنما هو لسوء فهم طارئ فإنهم سرعان ما يعودون بعده إلى الرشد بذكرهم لله واستعاذتهم من الشيطان . E / في العفو وتفاوت الرشد والغي كان الإمام الحسين ( عليه السلام ) شديد الرأفة بالناس يمد يده لكل ذي حاجة ، ويسعف كل ذي لهفة ، ويجير كل من استجار به ، وقد فزع مروان إليه وإلى أخيه الحسن ( عليه السلام ) وهو من ألد أعدائهما جاء هما ، بعد فشل واقعة الجمل ، فطلب منهما أن يشفعا له عند أبيهما علي ( عليه السلام ) فكلماه في شأنه وقالا له : " يبايعك يا أمير المؤمنين " . فقال ( عليه السلام ) : " أو لم يبايعني قبل قتل عثمان ، لا حاجة لي في بيعته ، إنها كف يهودية ، لو بايعني لغدر بسبباته ، أما أن له امرة كلعقة الكلب أنفه ، وهو أبو الأكبش الأربعة ، وستلقى الأمة من ولده يوما أحمر " . وما زالا - الحسن والحسين - يلطفان به - أي بأبيهما علي - حتى عفا عنه ، إلا أن هذا الوغد قد تنكر لهذا المعروف وقابل السبطين بكل ما يملك من وسائل الشر والمكر ، فهو