ثم دعاهم إلى منزله ، فأطعمهم ، وكساهم ، وأمر لهم بدراهم ( 1 ) . وكذلك كان جده الرسول ( صلى الله عليه وآله ) يخالط الفقراء ويجالسهم ، ويفيض عليهم ببره وإحسانه ، حتى لا يتبيغ بالفقير فقره ، ولا يبطر الغني ثراؤه . وهل تعرف في الملوك والأغنياء قليلا من هذه الأخلاق العظيمة ؟ إن عرفتها فيهم بلغهم أنهم على الطريق الصحيح والله معهم ولهم العاقبة الحسنى والسرور الدائم . ولكن قليل هم أو لعلهم معدومون ! * الدروس المستفادة هنا : 1 - مقابلة الإحسان بإحسان أكبر ، شأن من أرفع شؤون الأخلاقية . 2 - تغليب الفقراء والمساكين على العائلة في العطاء نوع من الإيثار ، ولابد أن يقترن مع الثقة بالله الرزاق ذي القوة المتين . 3 - النزول إلى خدمة الضعفاء في المجتمع عروج إلى قمم الأجر والثواب عند الله تعالى . E / في التصرف حين المشادات العائلية المشادات العائلية أمر طبيعي لضرورة الاختبار الذي لابد للإنسان أن يخضع له ، ومثل هذا الأمر حصل بين الإمام الحسين وأخيه محمد بن الحنفية - في أيام شبابهما - فانصرف محمد إلى داره وكتب إلى الحسين ما يلي : " أما بعد : فان لك شرفا لا أبلغه ، وفضلا لا أدركه ، أبونا علي لا أفضلك فيه ولا تفضلني ، وأمي امرأة من بني حنيفة ، وأمك فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولو كان ملء الأرض مثل أمي ما وفين بأمك ، فإذا قرأت رقعتي هذه فالبس رداءك ونعليك وسر إلي ، وترضيني ، وإياك أن أكون سابقك إلى الفضل الذي أنت أولى به مني . . . " . ولما قرأ الحسين رسالة أخيه سارع إليه وترضاه ( 2 ) .
1 - أعيان الشيعة ج 4 ص 110 . 2 - نهاية الإرب ج 3 ص 260 .