E / في رواية الخاطرة الأخلاقية لا شك أن الحسين ( عليه السلام ) حينما يروي خاطرة فإنها تكون عميقة الجذور وبعيدة المرمى ، وإليك ما رواه من خاطرته ( عليه السلام ) مع والده وفيها معان أخلاقية دقيقة وعظيمة ، قال ( عليه السلام ) : " بينا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ذات يوم جالس مع أصحابه يعبيهم للحرب إذا أتاه شيخ عليه شحبة السفر ، فقال : أين أمير المؤمنين ؟ فقيل : هو ذا فسلم عليه . ثم قال : يا أمير المؤمنين إني أتيتك من ناحية الشام وأنا شيخ كبير ، قد سمعت فيك من الفضل ما لا أحصي ، وإني أظنك ستغتال ، فعلمني مما علمك الله . قال : نعم يا شيخ . . من اعتدل يوماه فهو مغبون ، ومن كانت الدنيا همته اشتدت حسرته عند فراقها ، ومن كان غده شر يوميه فهو محروم ، ومن لم يبال بما رزئ من آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك ، ومن لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى ، ومن كان في نقص فالموت خير له . يا شيخ . . إرض للناس ما ترضى لنفسك ، وائت إلى الناس ما تحب أن يؤتى إليك . ثم أقبل - يعني أمير المؤمنين ( عليه السلام ) - على أصحابه فقال : أيها الناس أما ترون إلى أهل الدنيا يمسون ويصبحون على أحوال شتى : فبين صريع يتلوى ، وبين عائد ومعود ، وآخر بنفسه يجود ، وآخر لا يرجى ، وآخر مسجى ، وطالب الدنيا والموت يطلبه ، وغافل و ليس بمغفول عنه ، وعلى أثر الماضي يصير الباقي . فقال له زيد بن صوحان العبدي : يا أمير المؤمنين أي سلطان أغلب وأقوى ؟ قال : الهوى . قال : فأي ذل أذل ؟ قال : الحرص على الدنيا . قال : فأي فقر أشد ؟ قال : الكفر بعد الإيمان . قال : فأي دعوة أضل ؟ قال : الداعي بما لا يكون .