اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً ) [1] . قال ابن أبي الحديد : " ما وجدناه في السير والأخبار من إشفاق رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وحذره عليه . ودعائه له بالحفظ والسلامة ، قال صلّى الله عليه وآله يوم الخندق ، وقد برز علي إلى عمرو ورفع يديه إلى السماء ، بمحضر من أصحابه ، اللهم إنك أخذت مني حمزة يوم أحد وعبيدة يوم بدر ، فاحفظ اليوم عليّ علياً : ( رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ) [2] ولذلك ضن به عن مبارزة عمر وحين دعا عمرو الناس إلى نفسه مراراً ، في كلها يحجمون ويقدم علي ، فسأل الأذن له في البراز حتى قال له رسول الله صلّى الله عليه وآله : " انه عمروا " فقال : " وأنا عليّ " فأدناه وقبله وعممه بعمامته ، وخرج معه خطوات كالمودع له . القلق لحاله ، المنتظر لما يكون منه ، ثم لم يزل صلّى الله عليه وآله رافعاً يديه إلى السماء مستقبلا لها بوجهه ، والمسلمون صموت حوله ، كأنما على رؤوسهم الطير ، حتى ثارت الغبرة ، وسمعوا التكبير من تحتها ، فعلموا إن علياً قتل عمرواً ، فكبر رسول الله صلّى الله عليه وآله وكبر المسلمون تكبيرة سمعها من وراء الخندق من عساكر المشركين ، ولذلك قال حذيفة بن اليمان : لو قسمت فضيلة علي عليه السّلام بقتل عمرو يوم الخندق بين المسلمين بأجمعهم لوسعتهم . وقال ابن عباس في قوله تعالى : ( وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ) قال : بعلي بن أبي طالب " [3] . روى الحاكم الحسكاني باسناده عن عبد الله " انه كان يقرأ ( وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ) بعلي بن أبي طالب " [4] .
[1] سورة الأحزاب : 25 . [2] سورة الأنبياء : 89 . [3] شرح نهج البلاغة ج 13 ص 283 . [4] شواهد التنزيل ج 2 ص 3 رقم / 629 ، ورواه السيوطي في الدر المنثور ج 5 ص 192 . وابن عساكر في ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج 2 ص 420 رقم / 920 والكنجي في كفاية الطالب ص 234 .