responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قادتنا كيف نعرفهم ؟ نویسنده : السيد محمد هادي الميلاني    جلد : 2  صفحه : 149


فأهجروها ، أما الليل فصافون اقدامهم تالون لأجزاء القرآن ترتيلا يعظون أنفسهم بأمثاله ، ويستشفون لدائهم بدوائه تارة وتارة مفترشون جباههم واكفهم وركبهم ، وأطراف اقدامهم تجري دموعهم على خدودهم ، يجدون جباراً عظيماً ويجأرون اليه في فكاك رقابهم ، هذا ليلهم ، فأما نهارهم فحلماء علماء بررة أتقياء ، براهم خوف بارئهم فهم كالقداح يحسبهم الناس مرضى أو قد خولطوا ، وما هم بذلك بل خامرهم من عظمة ربهم وشدة سلطانه ما طاشت له قلوبهم وذهلت منه عقولهم ، فإذا استقوا من ذلك بادروا إلى الله تعالى بالأعمال الزاكية ، لا يرضون له بالقليل ولا يستكثرون له الجزيل ، فهم لأنفسهم متهمون ومن أعمالهم مشفقون ، ترى لأحدهم قوة في دين ، وحزماً في لين ، وايماناً في يقين ، وحرصاً على علم ، وفهماً في فقه ، وعلماً في حلم وكيساً في قصد وقصداً في غناء ، وتجملا في فاقة ، وصبراً في شدة ، وخشوعاً في عبادة ، ورحمة لمجهود ، وإعطاءً في حق ، ورفقاً في كسب ، وجلباً في حلال ، ونشاطاً في هدوء واعتصاماً في شهوة لا يغره ما جهله ، ولا يدع احصاء ما علمه ، يستبطئ نفسه في العمل وهو من صالح عمله على وجل ، يصبح وشغله الذكر ، ويمسي وهمه الشكر ، يبيت حذراً من سنة الغفلة ، ويصبح فرحاً بما أصاب من الفضل والرحمة ، رغبته فيما بقي ، وزهادته فيما نفي ، قد قرن العلم بالعمل ، والعلم بالحلم ، دائماً نشاطه ، بعيداً كسله ، قريباً أمله ، قليلا زلله ، متوقعاً أجله ، خاشعاً قلبه ، ذاكراً ربه ، قانعة نفسه ، محرزاً دينه ، كاظماً غيظه ، آمناً منه جاره ، معدوماً كبره ، بيناً صبره ، كثيراً ذكره ، لا يعمل شيئاً من الخير رياءً ولا يتركه حياءً ، أولئك شيعتنا وأحبتنا ومنا ومعنا ، ألا واهاً شوقاً إليهم .
فصاح همام صيحةً ، فوقع مغشياً عليه ، فحركوه فإذا هو قد فارق الدنيا ،

149

نام کتاب : قادتنا كيف نعرفهم ؟ نویسنده : السيد محمد هادي الميلاني    جلد : 2  صفحه : 149
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست