وكذا رواية ابن البطريق في العمدة / 321 : ( فأنفذ يزيد إليها ( المدينة ) عشرين ألفاً مع مسلم بن عقبة المري ، فقتل منها ثمانية آلاف من أولاد المهاجرين والأنصار وغيرهم وأباحها ثلاثاً ، فلم يبق بها دارٌ إلا انتهبت سوى دار علي بن الحسين فإنه حماها رجلٌ من أهل الشام تلك الثلاثة الأيام ، فلما كان بعد الثلاثة الأيام أخرج له علي بن الحسين ملاءة قد جمع بها حلياً وثياباً من نسائه وقال له : خذ هذا من بنات رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، فقال له : لم أفعل ذلك لسبب بل أرجو الجنة ، فقال : خذه ولك ما طلبت ) . انتهى . أقول : هذه الروايات تدل على أن الإمام « عليه السلام » كان في تلك الأيام في المدينة مع بعض عياله ، ومضمونها متناسب مع شخصية الإمام « عليه السلام » وما ثبت عنه من تصرفاته في لقاءاته مع طغاة بني أمية ، كيزيد ومروان عبد الملك . وفيها دلالات مهمة ، منها أن الإمام « عليه السلام » كان حريصاً في ذلك الظرف الخطر على زيارة قبر النبي « صلى الله عليه وآله » والصلاة والدعاء في مسجده ، بعد أن أهان حرمة المسجد والقبر الشريف وحوش أهل الشام ، وربطوا خيولهم في أعمدته ! وتدل على أنه يوجد في جيش الشام أفراد شيعة يعرفون مقام أهل البيت « عليهم السلام » كالذي حمى بيت الإمام « عليه السلام » من النهب والعدوان ، ولا بد أن يكون معه آخر أو آخرون ، لهم نفوذٌ مّا في جيش يزيد ! كما أنها تكشف الموقف الحقيقي للوزغ بن الوزغ مروان بن الحكم ، فعندما أحضر ابن عقبة الإمام « عليها السلام » وأخذ يشتم العترة النبوية « عليهم السلام » أخذ مروان يؤمِّن على شتمه ويحرِّضُهُ على قتله ، حتى إذا دخل عليه الإمام « عليه السلام » وألقى الله على الطاغية هيبته والرعب منه ، غَيَّر مروان كلامه فأخذ يمدح الإمام « عليه السلام » ! لذلك لا يمكن قبول رواية أن مروان ردَّ الجميل للإمام « عليه السلام » وأنه أتى به إلى