الرحمن التوغل في أفغانستان ، بل تكلم هو وبعض من معه على الحجاج بأنه إنما أرسلهم إلى تلك الجبال الوعرة المنقطعة ليتخلص منهم ! فأعلن ابن الأشعث من هناك ثورته على الحجاج وخلع عبد الملك بن مروان ، وأخذ البيعة لنفسه من جيشه باسم ناصر المؤمنين ، ورجع إلى البصرة فسيطر عليها ، وتوجه إلى الكوفة ليقاتل الحجاج فاستنجد الحجاج بمدد من الشام ، وكانت بينهم معركة كبيرة في دير الجماجم قرب الكوفة سنة 83 ، وانتصر الحجاج وهرب ابن الأشعث إلى رتبيل في كابل ، وبقي عنده أكثر من سنتين ، حتى راسله الحجاج وطمعه فقتله وبعث إليه برأسه سنة 85 . ( راجع تاريخ الطبري : 5 / 154 ) . وفي أحكام القرآن للجصاص : 1 / 86 : ( وخرج عليه من القراء أربعة آلاف رجل هم خيار التابعين وفقهاؤهم ، فقاتلوه مع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بالأهواز ، ثم بالبصرة ، ثم بدير الجماجم من ناحية الفرات بقرب الكوفة ، وهم خالعون لعبد الملك بن مروان ، لاعنون لهم متبرئون منهم ) ! ووصف الطبري : 5 / 163 ، تحميس علماء الكوفة وقرائها للمقاتلين ضد الحجاج فقال : ( فلما حمل عليه أهل الشام مرة بعد مرة ، نادانا عبد الرحمن بن أبي ليلى الفقيه فقال : يا معشر القراء ، إن الفرار ليس بأحد من الناس بأقبح منه بكم ، إني سمعت علياً رفع الله درجته في الصالحين وأثابه أحسن ثواب الشهداء والصديقين يقول يوم لقينا أهل الشام : أيها المؤمنون إنه من رأى عدواناً يعمل به ، ومنكراً يدعى إليه فأنكره بقلبه فقد سلم وبرئ ، ومن أنكر بلسانه فقد أجر وهو أفضل من صاحبه ، ومن أنكر بالسيف لتكون كلمة الله العليا ، وكلمة الظالمين السفلى ، فذلك الذي أصاب سبيل الهدى ونوَّر قلبه باليقين . فقاتلوا هؤلاء المحلين المحدثين المبتدعين ، الذين قد جهلوا الحق فلا يعرفونه ،