ثم جاءت موجة الطلقاء بعد وفاة النبي « صلى الله عليه وآله » فارتد الناس إلا القلة الذين ثبتوا مع أمير المؤمنين « عليه السلام » ، ثم التحق الناس بهم وتسع وجودهم . وعندما تفاقم وضع الظلم في زمن عثمان وثار عليه الصحابة والأمة ، أجمعوا على بيعة أمير المؤمنين « عليه السلام » فعمل لإعادة العهد النبوي فاتسعت القاعدة الواعية ، وجاهدت معه وقدمت الشهداء ، حتى ضعفت الأمة في أواخر عهده « عليه السلام » وانهارت مرة أخرى في عهد الإمام الحسن « عليه السلام » ! وبعد صلح الإمام الحسن « عليه السلام » كان الشيعة شريحة واسعة نسبياً في مختلف البلدان ، ولكن أصحاب المستوى العالي فيهم كانوا قلة ، كما هو الحال في كل أتباع الأنبياء والأوصياء « عليهم السلام » ! وقد استطاع معاوية في عشرين سنة من حكمه أن يقتل أكثر شخصيات هذه الطائفة ، ويجعل الجو معادياً لكل من يذكر علياً وأهل البيت « عليهم السلام » بخير ، فلم يبق ثابتاً على التشيع إلا الفذ من الناس ! وقد اختار الله تعالى لخيار هؤلاء أعظم كرامته ، فجمعهم مع الإمام الحسين « عليه السلام » في كربلاء ليكونوا شهداء على المسلمين والأمم إلى يوم القيامة . وبعد الحسين « عليه السلام » لم يبق من هؤلاء العظماء إلا تلك القلة القليلة الذين بدأ بهم الإمام زين العابدين « عليه السلام » بناء المجتمع الشيعي ! فهو المؤسس للطائفة من جديد بعد شهادة أبيه الحسين « صلى الله عليه وآله » ! أما الإمام الباقر « عليه السلام » فقد وسع هذه القاعدة وأرسى خطها العقائدي والفكري والسياسي ، حتى صارت واضحة المعالم مميزة بالكامل عن غيرها . ثم أكمل ذلك الإمام الصادق « عليه السلام » فوسع الطائفة المحقة ، وأغناها بالفكر والفقه وبلور خطها السياسي ، فتكاملت على يده وصارت وجوداً قوياً راسخاً في الأمة . وقد عرف الشيعة في عهده وبعده « عليه السلام » باسم ( الجعفرية ) نسبة إليه « عليه السلام » .