3 - لماذا لم يستفد الإمام « عليه السلام » من شعبيته لإقامة الدولة الإسلامية ؟ الناظر في الوضع السياسي للأمة الإسلامية بعد شهادة الإمام الحسين « عليه السلام » بقليل ، يرى أن يزيد بن معاوية هدم بسياسته الحمقاء كل ما بناه له أبوه ، وأثار عليه نقمة المسلمين وعلى أسرته ، بل مسَّح الأرض بسمعة بني أمية ! فبعد قتْله الإمام الحسين « عليه السلام » ارتكبَ مجزرة المدينة واستباحها ، ثم هاجم ابن الزبير في مكة وضرب الكعبة بالمنجنيق وأحرقها ! وما لبث أن مات وهو سكران يلهو فشَرَدَ به فرسه ولم يجدوا جثته ، أو انفجر دماغه من كثرة الخمر ! لذلك برز نجم ابن الزبير وانتشرت البيعة له ، واستقوى الخوارج ، وتحرك المسلمون في العراق لأخذ ثار الحسين « عليه السلام » من النظام الأموي . في تلك المرحلة كانت الظروف مهيأةً بامتياز للإمام زين العابدين « عليه السلام » ليقود الثورة على بني أمية للأخذ بثأر أبيه « صلى الله عليه وآله » ، وإنقاذ الأمة من الظلم والاضطهاد ، وإقامة خلافة علوية عادلة يرضى بها الجميع . لكنه لم يفعل ! بل كان من اليسير عليه بعد أن نجح المختار وإبراهيم بن الأشتر في تحرير العراق وإقامة دولة لأهل البيت « عليهم السلام » تطالب بثارهم ، أن يذهب إلى الكوفة ويدير هذه الدولة ويُوَسِّعَها ، ولكنه لم يفعل ! هنا يتحرَّق البعض : لماذا لم يتجه الإمام زين العابدين « عليه السلام » لقيادة الجماهير ، أليس هو أشجع الناس ؟ أليس بنو هاشم أشجع البشر ؟ ! ولماذا رفض أن يتسلم دولةً جاهزةً متحفزةً ، يطالبه بذلك قادتها ؟ ! ألا يجب عليه أن يأخذ بثار أبيه « صلى الله عليه وآله » ممن شاركوا في سفك دمه ؟