لبني أمية ! وهي موعظة بليغة لعلماء السلاطين في كل عصر ! وهي طويلة جاء فيها : ( كفانا الله وإياك من الفتن ، ورحمك من النار ، فقد أصبحت بحال ينبغي لمن عرفك أن يرحمك . . فقد أثقلتك نعم الله بما أصح من بدنك وأطال من عمرك ، وقامت عليك حجج الله بما حملك من كتابه ، وفقهك فيه من دينه وعرفك فيه من سنة نبيه ، فانظر أي رجل تكون غداً إذا وقفت بين يدي الله فسألك عن نعمه عليك كيف رعيتها ، ولا تحسبن الله قابلاً منك بالتعذير ، ولا راضياً منك بالتقصير ، هيهات هيهات ، ليس كذلك ! أخذ على العلماء في كتابه إذ قال : لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ . واعلم أن أدنى ما كتمتَ وأخفَّ ما احتملتَ أن آنستَ وحشة الظالم ، وسهَّلت له طريق الغيِّ بدُنُوِّك منه حين دنوت ، وإجابتك له حين دُعيت . . فما أخوفني بإثمك غداً مع الخونة ، وأن تسأل عما أخذت بإعانتك على ظلم الظلمة ، إنك أخذت ما ليس لك ممن أعطاك ، ودنوت ممن لم يردَّ على أحد حقاً ، ولم تردَّ باطلاً حين أدناك ، وأحببت من حاد الله ! أو ليس بدعائه إياك حين دعاك جعلوك قطباً أداروا بك رحى مظالمهم ، وجسراً يعبرون عليك إلى بلاياهم ، وسُلَّماً إلى ضلالهم وداعياً إلى غيهم ، وسالكاً سبيلهم ، يُدخلون بك الشك على العلماء ، ويقتادون بك قلوب الجهال إليهم ، فما أقل ما أعطوك في قدر ما أخذوا منك ، وما أيسر ما عمروا لك فكيف ما خربوا عليك . . فانظر لنفسك فإنه لا ينظر إليها غيرك وحاسبها حساب رجل مسؤول . وانظر كيف شكرك لمن غذاك في نعمه صغيراً وكبيراً . . . ولا تحسب أني أردت توبيخك وتعنيفك وتعييرك ، لكني أردت أن ينعش الله ما قد فات من رأيك ويرد إليك ما عزب من دينك ، وذكرت قول الله تعالى