مرة يقول : لا إله إلا الله حقاً حقاً ، لا إله إلا تعبداً ورقاً ، لا إله إلا الله إيماناً وتصديقاً وصدقاً . ثم رفع رأسه من سجوده وإنَّ لحيته ووجهه قد غُمرا بالماء من دموع عينيه ، فقلت : يا سيدي أما آن لحزنك أن ينقضي ولبكائك أن يقل ؟ فقال لي : ويحك إن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم كان نبياً ابن نبي ، له اثنا عشر ابناً فغيَّبَ الله واحداً منهم ، فشابَ رأسه من الحزن واحدَوْدَبَ ظهره من الغمِّ ، وذهب بصره من البكاء ، وابنه حيٌّ في دار الدنيا . وأنا رأيت أبي وأخي وسبعة عشر من أهل بيتي صرعى مقتولين ، فكيف ينقضي حزني ويقل بكائي ) ! ( اللهوف / 115 ، وينابيع المودة : 3 / 93 ، والعوالم / 446 ، ولواعج الأشجان / 242 ، وبحار الأنوار : 45 / 147 ) . وفي تاريخ دمشق : 41 / 386 : ( سئل علي بن الحسين عن كثرة بكائه ؟ فقال : لا تلوموني فإن يعقوب « عليه السلام » فَقَدَ سبطاً من ولده فبكى حتى ابيضت عيناه من الحزن ولم يعلم أنه مات ، وقد نظرت إلى أربعة عشر رجلاً من أهل بيتي يذبحون في غداة واحدة ، فترون حزنهم يذهب من قلبي ؟ أبداً ) ! 2 - تبنى الإمام مجالس العزاء على أبيه الحسين « صلى الله عليه وآله » : ففي المحاسن : 2 / 420 ، عن عمر بن علي بن الحسين قال : لما قتل الحسين بن علي « عليه السلام » لبسن نساء بني هاشم السواد والمسوح وكن لا يشتكين من حر ولا برد ، وكان علي بن الحسين « عليه السلام » يعمل لهن الطعام للمأتم ) . والوسائل : 3 / 238 . 3 - وكان يشرح ظلامة أهل البيت « عليهم السلام » كلما رأى مناسبة : فقد رأيت خطبه في الكوفة والشام ، وحديثه مع الصحابي سهل بن ساعدة وغيره . وعن المنهال بن عمرو قال : ( دخلت على علي بن حسين فقلت : كيف أصبحت أصلحك الله ؟ فقال : ما كنت أرى شيخاً من أهل المصر مثلك لا يدري كيف أصبحنا ! فأما إذ لم تدر أو تعلم فأنا أخبرك : أصبحنا في قومنا بمنزلة بني