حَكما بحكم القرآن فليس لنا أن نخالفه ، وإن أبيا فنحن من حُكمهما براء [1] .
[1] انظر تاريخ الطبري : 4 / 48 باختلاف يسير في اللفظ ، وانظر المحاورة الّتي دارت بين الإمام عليّ ( عليه السلام ) وعبد الله بن الكوّاء في كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين لابن المطهّر الحلّي : 162 و 163 وقارن بينها وبين ما موجود في الطبري وغيره ، مثل تذكرة الخواصّ : 92 ، شرح النهج لابن أبي الحديد : 2 / 274 ، وشرح النهج للعلاّمة الخوئي : 4 / 127 . ونظراً لكثرة المصادر وكثرة الاختلاف في بعض الألفاظ ننقل مناظرة الإمام عليّ ( عليه السلام ) مع الخوارج وخاصّة ابن الكوّاء جمعاً بين المصادر ولكن بتصرف منا . لمّا خرج عليّ ( عليه السلام ) بعد مناظرة ابن عبّاس لهم وقف ( عليه السلام ) بإزائهم وقال : من زعيمكم ؟ قالوا : ابن الكوّاء . فقال عليّ ( عليه السلام ) : فما الّذي أخرجكم علينا ؟ قالوا : حكومتكم يوم صفين ، فقال لهم : ناشدتكم بالله ، أما قلت لكم يوم رفعوا المصاحف : لاَ تخالفوني فيهم ؟ قلتم : نجيبهم إلى كتاب الله ، فقلت : إنّما رفعوها مكيدة وخديعة ، فقلتم : إن لم تجب إلى كتاب الله قتلناك أو سلّمناك إليهم ، فلمّا أبيتم إلاّ الكتاب اشترطت على الحكمين أن يحكما بكتاب الله ، فإن حكما بغير حكم الله والقرآن فنحن براءٌ منهم . فقالوا : فكيف حكّمت الرجال ؟ فقال : والله ما حكّمت مخلوقاً ، وانّما حكّمت القرآن ، لأن القرآن هو خطّ بين الدفّتين لاَ ينطق ، وإنّما ينطق به الرجال . فقالوا : صدقت وكفرنا لمّا فعلنا ذلك ، وقد تبنا منه إلى الله فتب كما تبنا نبايعك وإلاّ قتلناك . . . وقال الشارح المعتزلي : قال لهم : ألا تعلمون أنّ هؤلاء القوم لمّا رفعوا المصاحف قلت لكم : إنّ هذه مكيدة ووهن وإنّهم لو قصدوا إلى حكم المصاحف لأتوني وسألوني في التحكيم ، أفتعلمون أنّ أحداً كان أكره للتحكيم منّي ؟ قالوا : صدقت ، قال : فهل تعلمون أنّكم استكرهتموني على ذلك حتّى أجبتكم إليه فاشترطت أنّ حكمهما نافذ ما حكما بحكم الله فمتى خالفاه فأنا وأنتم من ذلك بُراء ، وأنتم تعلمون أنّ حكم الله لاَ يعدوني ؟ قالوا : اللّهمّ نعم . فقالوا له : حكّمت في دين الله برأينا وعنه مقرّون بأنّا كنا كَفرنا ، ولكنّا الآن تائبون ، فأقرّ بمثل ما أقررنا به وتب ننهض معك إلى الشام . فقال : أما تعلمون أنّ الله تعالى قد أمر بالتحكيم في شقاق بين الرجل وامرأته فقال سبحانه وتعالى ( فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَآ ) وفي صيد أُصيب أرنب يساوي نصف درهم فقال : ( يَحْكُمُ بِهِى ذَوَا عَدْل مِّنكُمْ ) ؟ فقالوا له : فإن عَمراً لمّا أبى عليك أن تقول في كتابك " هذا ما كتبه عبد الله عليّ أمير المؤمنين " محوت اسمك من الخلافة وكتبت " عليّ بن أبي طالب " فقد خلعت نفسك . فقال : لي في رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أُسوة حين أبى عليه سهيل بن عمرو أن يكتب : هذا كتاب محمّد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وسهيل بن عمرو ، وقال له : لو أقررت بأنّك رسول الله ما خالفتك ، ولكن أُقدّمك لفضلك ، فاكتب : محمّد بن عبد الله ، فقال لي : يا عليّ ، امحُ رسول الله ، فقلت : يا رسول الله : لاَ تشّجعني نفسي على محو اسمك من النبوّة . قال : فقضى عليه فمحاه بيده ، ثمّ قال : اكتب محمّد بن عبد الله ، ثمّ تبسّم إليّ وقال : يا عليّ ، أما إنك ستسام مثلها فتعطى . فرجع منهم ألفان من حروراء ، وقد كانوا قد تجمّعوا بها ، فقال لهم عليّ ( عليه السلام ) ما نسمّيكم ؟ ثمّ قال : أنتم الحرورية لاجتماعكم بحروراء . انظر المصادر السابقة وتذكرة الخواصّ : 96 ، وشرح النهج لابن أبي الحديد : 2 / 274 و 280 و 282 ، وشرح النهج للعلاّمة الخوئي : 4 / 127 و 128 ، المصنّف لعبد الرزاق : 10 / 157 وجامع بيان العلم وفضله : 2 / 103 ، والحاكم في المستدرك : 2 / 150 ، ومناقب ابن المغازلي : 406 ، والمسترشد في إمامة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : 390 والهامش رقم 1 ، والفتوح : 2 / 252 .