في هودجها فقالت : من أنت ؟ قال : أبغض أهلك إليك ، قالت : ابن الخثعمية ؟ قال : نعم ، قالت : يا ابن أبي الحمد لله الّذي عافاك [1] . فلمّا كان الليل أدخلها أخوها إلى البصرة وأنزلها في دار عبد الله بن خلف الخزاعي [2] على صفية بنت الحارث [ بن طلحة ] بن أبي طلحة بن العزّى بن عثمان بن عبد الدار وهي أُمّ طلحة الطلحات [3] ، وتسلّل الجرحى ليلا من بين القتلى
[1] لسنا بصدد بيان الحوار الّذي دار بين محمّد بن أبي بكر وأُخته أُمّ المؤمنين ، ولكن نريد أن نورد ما ذكره الطبري في : 5 / 204 ، والعقد الفريد : 4 / 328 ، وغيرهم كثير . فقال الطبري : ثمّ أمر عليٌّ محمّد بن أبي بكر ، فضرب عليها قبّةً وقال : انظر هل وصل إليها شيء ؟ فأدخل رأسه ، فقالت : مَن أنت ؟ فقال : أبغض أهلكِ إليكِ ، قالت : ابن الخثعمية ؟ قال : نعم . قالت : بأبي أنت وأُمّي ، الحمد لله الّذي عافاك . وفي مروج الذهب : قال لها : أقرب الناس قرابة ، وأبغضهم إليكِ ، أنا محمّد أخوك ، يقول لك أمير المؤمنين : هل أصابكِ شيء ؟ قالت : ما أصابني شيء إلاّ سهم لم يضرّني . فجاء عليّ حتّى وقف عليها ، فضرب الهودج بقضيب ، وقال : يا حميراء أرسول الله أمرك بهذا ؟ ألم يأمرك أن تقرّي في بيتك ؟ والله ما أنصفك الّذين صانوا عقائلهم وأبرزوك . . . وفي كلام كثير ، فقالت : ملكت فاسجح . انظر أيضاً ابن الأثير : 3 / 102 ، أنساب الأشراف : 1 / 167 ، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري ، لتجد بالإضافة إلى ذلك حوار عمّار بن ياسر لعائشة . وروى ابن أعثم في الفتوح : 1 / 491 ما جرى بين عبد الله بن عباس وبين عائشة لمّا أنفذه إليها برسالته عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) وبكاء عائشة بكاءً شديداً ثمّ قالت : نعم والله أرحل عنكم ، فما خلق الله بلداً هو أبغض إليَّ من بلد أنتم به يا بني هاشم - إلى ان قالت : - يا ابن عباس أتمنون عليَّ برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ قال : نعم . . . ( انظر المحاورة في العقد الفريد : 4 / 328 ط لجنة التأليف ، وأوردها ابن أبي الحديد في شرح النهج : 2 / 82 ط المصرية ، واليعقوبي في : 2 / 213 ، وفي مروج الذهب : 5 / 197 ) . [2] هو عبد الله بن خلف بن أسعد بن عامر الخزاعي : أبو طلحة الطلحات ، وكان كاتباً على ديوان البصرة لعمر وعثمان ، وشهد أخوه عثمان بن خلف حرب الجمل مع عليّ ، على ما ذكر في أُسد الغابة . وروى مبارزته أبو مخنف في الجمل على رواية ابن أبي الحديد في شرحه : 1 / 261 - 262 تحقيق محمّد أبو الفضل ، وابن أعثم في تاريخه ، وراجع ترجمته في الاشتقاق : 475 ، والمحبر : 377 ، والاستيعاب : 348 ، وأُسد الغابة : 3 / 151 . [3] هي صفية بنت الحارث بن طلحة العبدرية وهي قرشية وليست بثقفية إلاّ بالنسبة إلى زوجها . وفي مغازي الواقدي : 307 : ومن بني عبد الدار طلحة بن أبي طلحة يحمل لواءهم . قتله عليّ بن أبي طالب انظر ترجمة صفية في الإصابة : 4 / 337 ، بينما ابن أعثم في الفتوح : 1 / 492 يصرّح بأنها ثقفية ، أمّا الطبري في تاريخه : 3 / 539 فيقول : صفية ابنة الحارث بن طلحة بن أبي طلحة بن عبد العزّى بن عثمان بن عبد الدار - وهي أُمّ طلحة الطلحات - بن عبد الله بن خلف . ولصفية هذه قصة طريفة ذكرها كثير من أهل السِير والتاريخ كأبن أعثم في الفتوح : 1 / 492 ، والطبري في تاريخه : 5 / 222 ، و : 3 / 543 ط أُخرى ، ومروج الذهب : 2 / 14 وخلاصتها : دعا عليّ ببغلة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فاستوى عليها ، وأقبل إلى منزل عائشة ، ثمّ استأذن ودخل ، فإذا عائشة جالسة حولها نسوة من نساء أهل البصرة وهي تبكي وهنّ يبكين معها . قال : ونظرت صفية بنت الحارث الثقفية امرأة عبد الله بن خلف فصاحت هي ومن كان معها هناك من النسوة وقلن بأجمعهنّ : يا قاتل الأحبّة ، يا مفرِّقاً بين الجميع ، أيتم الله منك بنيك كما ايتمت ولد عبد الله بن خلف . فنظر إليها عليّ ( عليه السلام ) فعرفها فقال : أمّا أنّي لاَ ألومك أن تبغضيني وقد قتلت جدّك يوم بدر وقتلت عمك يوم أُحد ، وقتلت زوجك الآن ، ولو كنت قاتل الأحبه كما تقولين ، لقتلت مَن في هذا البيت ومَن في هذه الدار . وكان ( عليه السلام ) يقصد أنّ الّذي اختفى في هذه الدار مروان بن الحكم وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عامر وغيرهم كثير .