على غير شيء غير أن ليس تابعاً * علياً ومن لاَ يتبع الحقّ يندم يُذكِّرني حم والرمح شاجر * فهلاّ تلا حم قبل التقدّم وأخذ بخطام الجمل عمرو بن الأشرف [1] فجعل لا يدنو منه أحد إلاّ خبطه ، فأقبل إليه الحارث بن زهير الأسدي [2] وهو يقول : يا أُمّنا يا خير أُمّ نعلمُ [3] * أما ترين كم شجاع يكلّمُ [4] وتُجتلى هامتُه والمِعصمُ وحمل كلّ واحد منهما على صاحبه فاختلفا بضربتين فوقعت ضربة [ كلّ ] واحد منهما على الآخر فقتلته ، وأحدقت أهل النجدات والشجاعة بالجمل فكان لاَ يأخذ أحد بخطام الجمل إلاّ قُتل ، وكان لاَ يأخذه إلاّ من يُنسب ويقول أنا فلان بن فلان الفلاني ، فوالله إن كان إلاّ الموت الأحمر وما أخذه أحد ، ثمّ أفلت منه فعاد إليه [5] . وجاء عبد الله بن الزبير [6] وأخذ بخطام الجمل وهو ساكت لم يتكلّم [ فقالت له
[1] انظر تاريخ الطبري : 3 / 533 ، وابن الأثير : 3 / 98 ولم يذكر نسب عمرو بن الأشرف بل ذكره ابن دريد في الاشتقاق : 483 والجمهرة : 350 وكان أزدياً من عتيك . وجاء في نسخة ( ج ) عمرو . [2] انظر المصادر السابقة والحارث هذا أيضاً أزدياً في جيش عليّ ( عليه السلام ) ، فهما اذن ولدا عمٍّ يقتل أحدهما الآخر . [3] في ( ب ، د ) : تعمل . [4] في ( أ ) : مكلّم ، وفي ( د ) : تكلم . [5] انظر المصادر السابقة . وتاريخ الطبري : 3 / 529 . [6] لسنا بصدد بيان حال عبد الله بن الزبير وترجمته الّتي وردت في أُسد الغابة ، ونسب قريش : 237 ، والاستيعاب : تحت رقم 1518 ، وشرح النهج لابن أبي الحديد : 4 / 482 ، وغيرهم كثير ، ولكن نذكّر القارئ الكريم أن أُمّ المؤمنين كانت فذّة في عاطفتها تجاه قرباها وخصّت من بينهم عبد الله بن الزبير - ابن أُختها أسماء - فحلّ منها محلّ الولد الفرد من الوالدة الشفيقة وتكنّت باسمه كما ذكر أهل السِير ، ولم يكن أحدٌ أحبّ إليها يومذاك من ابن الزبير كما يذكر صاحب الأغاني في : 9 / 142 . وقال هشام بن عروة : ما سمعت تدعو لأحد من الخلق مثل دعائها له ، وأعطت للّذي بشّرها بسلامته من القتل عشرة آلاف درهم ، ثمّ سجدت شكراً لله تعالى ، ولمّا اعتلّت دخل عليها بنو أُختها وفيهم عبد الله فبكى . . . ثمّ قالت : ما أحقّني منك يا بُني . . . فما أعلم بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وبعد أبويّ أحداً أنزل عندي منزلتك وأوصت له بحجرتها . ( انظر تهذيب ابن عساكر : 7 / 400 ، وشرح النهج لابن أبي الحديد : 4 / 482 ) . وعبد الله بن الزبير هذا كان قد نشأ على كره بني هاشم حتّى استطاع أن يغيّر رأي أبيه الزبير على عليّ ( عليه السلام ) وهو ابن خال أبيه . قال عليّ ( عليه السلام ) : ما زال الزبير رجلا منّا أهل البيت حتّى نشأ ابنه المشؤوم عبد الله . ( شرح النهج لابن أبي الحديد : 3 / 260 ، تهذيب ابن عساكر : 7 / 363 ، والاستيعاب : 353 وشرح النهج لابن أبي الحديد : 2 / 167 ، و : 4 / 480 . وذكر الواقدي ، والمسعودي في مروجه بهامش ابن الأثير : 5 / 163 ، واليعقوبي في تاريخه : 3 / 7 - 8 ، وشرح النهج لابن أبي الحديد : 1 / 385 و : 4 / 480 - 490 أنه مكث أيّام خلافته أربعين جمعة لاَ يصلّي فيها على النبي ويقول : لاَ يمنعني ذكره إلاّ أن تشمخ رجال بآنافها . وفي رواية أنّه قال : إنّ له أُهيل سوء ينغضون رؤوسهم عند ذكره . وقال المسعودي في : 5 / 163 ، وشرح النهج لابن أبي الحديد : 1 / 358 ، و : 4 / 495 ط الحلبي بمصر أنه قال لعبد الله بن عبّاس : إنّي لأكتم بغضكم أهل هذا البيت منذ أربعين سنة . وذكر المسعودي أيضاً في : 5 / 163 واليعقوبي : 3 / 7 وشرح النهج لابن أبي الحديد : 1 / 358 أنه كان يبغض عليّ بن أبي طالب خاصّةً وينال من عرضه . وهو الّذي جمع سبعة عشر رجلا من بني هاشم وحصرهم في شعب بمكّة يعرف بشعب عارم وأراد أن يحرقهم بالنار . ( انظر المصادر السابقة ، وابن عساكر في تهذيبه : 7 / 408 ، والأغاني : 9 / 16 ط دار الكتب ) .