ولا يرتحلنّ أحد أعان على قتل عثمان بشيء من أُمور الناس ، وليغن السفهاء عن أنفسهم [1] . فشقّ ذلك على الّذين خرجوا على عثمان وكان معه منهم بذي قار ألفان وخمسمائة [2] وباتوا بأسوأ ليلة وهم يتشاورون ، فقال لهم رئيسهم عبد الله بن سبأ [3] وهو الشهير بابن السوداء : يا قوم إنّ عزّكم في مخالطة الناس فلا تتركوا علياً وألزموه فإذا كان غداً والتقى الناس فانشبوا القتال ، فمن كنتم [4] معه لاَ يجد بدّاً من أن يمتنع ، فإذا اشتغل الناس بالناس ننظر ماذا يكون . فتفرّقوا على رأيه [5] . وأصبح عليّ ( عليه السلام ) على ظهر حتّى نزل على عبد القيس [6] فانضمّوا [ إليه ] وسار من هناك يريد البصرة ، فقام إليه الأعور بن بيان المنقري [7] فقال : يا أمير المؤمنين ما
[1] المصدر السابق : 507 ، وفي ( ب ) : الشقاعنّي . [2] المصدر السابق : 507 . [3] المصدر السابق : 508 . [4] في ( أ ) : كنت . [5] المصدر السابق : 508 . لاَ أدري لماذا اعتمد الطبري على راو واحد ، ومنه أخذ الكتّاب والمؤرّخون ووقع ابن الصبّاغ المالكي في فخّ الطبري ونقل الأُسطورة الخرافية والّتي بطلها عبد الله بن سبأ ولذا قال : حتّى إذا تمّ أمر المعسكرين على الصلح ورأى " السبأيّون " أتباع عبد الله بن سبأ ذلك خافوا على أنفسهم من مغبّة هذا الصلح فاجتمعوا سرّاً في سواد الليل يتشاورون ، فأوعز إليهم رئيسهم أن يندسوا بين الجيشين ، فيهجم من اندسّ منهم في جيش عليّ على جيش عائشة ، ومن اندسّ منهم في جيش عائشة يهاجم جيش عليّ ، ويثيروا الحرب فجأة ، فراقت لهم الخطّة . . . إنّ هذه الأُسطورة خرافية وضعها سيف بن عمر قبل سنة ( 170 ه ) وانتشرت ولكن هذا الراوي متهم بالزندقة كما يذكر السيّد العسكري في كتابه عبد الله بن سبأ : 17 ولذا أخذ ابن عساكر في موسوعته " تاريخ مدينة دمشق " وابن أبي بكر في " التمهيد والبيان في فضائل الخليفة عثمان " وابن خلدون من تاريخه " المبتدأ والخبر " وسعيد الأفغاني في كتابه " عائشة والسياسة " ، وسبق وأن أوضحنا دور مروان بن الحكم في تأجيج الحرب ضمن المصادر الّتي بأيدينا . [6] تاريخ الطبري : 3 / 508 . [7] تاريخ الطبري : 3 / 509 ولكنه أورده باسم : الأعور بن بنان المنقري .