شعثكم ، ويجمع كلمتكم ويصلح بكم ما يريد هؤلاء القوم فساده [1] . فبينما هم كذلك على قصدهم التوجّه إلى الشام إذ أتاهم الخبر عن طلحة والزبير وعائشة أنّهم على الخلاف [2] وأنّهم قد سخطوا من فعله [3] وهم يريدون الخروج إلى البصرة ، وكان سبب ذلك أنّ طلحة والزبير لمّا قدما من المدينة إلى مكة وجدا عائشة فقالت لهما : ما وراءكما ؟ قالا : إنّا تحمّلنا هرباً من المدينة من غوفاءِ [ و ] أعراب وفارقنا قوماً [4] حيارى لاَ يعرفون حقّاً ولا ينكرون باطلا ولا يمنعون أنفسهم ، فقالت : انهضوا [5] إلى هذه الغوغاء . فقالوا : كيف يكون ؟ فقالت : أو نأتي الشام ؟ فقال ابن عامر [6] - وكان قد أتى من البصرة إلى مكة بعد مقتل عثمان : لا حاجة لكم في الشام فقد كفاكم معاوية ، ولكن نأتي البصرة فإنّ لي بها صنايع ولي بها المال ولأهل البصرة في طلحة هوى وهو الأوفق بنا والأليق . فاستقام رأيهم على التوجّه إلى البصرة وأجابتهم عائشة إلى ذلك ودعوا
[1] ذكر هذا القول الطبري في تاريخه : 3 / 465 - 466 باختلاف بسيط في اللفظ . [2] تاريخ الطبري : 3 / 466 . [3] في ( أ ) : مأربه . [4] في ( أ ) : قومنا . [5] في ( أ ) : ننهض . [6] عبد الله بن عامر بن كريز هو ابن خال عثمان ، فقد كانت أُمّ عثمان أروى بنت كريز ، ولاّه عثمان البصرة بعد أن دخل عليه شبل بن خالد ، وحين لم يكن عنده غير أُموي قال : ما لكم معشر قريش ؟ أما فيكم صغير تريدون أن ينبل أو فقير تريدون غناه أو خامل تريدون التنويه باسمه ؟ عَلامَ أقطعتم هذا الأشعري - يعني أبا موسى الأشعري - العراق يأكلها خضماً ؟ فقال عثمان : ومن لها ؟ فأشاروا عليه بعبد الله بن عامر وهو ابن ست عشرة سنة . وهو الّذي هرب منها ليلا بعدما بايع أهل البصرة علياً . ( انظر مروج الذهب : 2 / 394 ، والاستيعاب لابن عبد البرّ : تحت رقم 2613 ) . وقال ابن قتيبة في الإمامة والسياسة : 1 / 78 : وقد فرّ من أهلها فرار العبد الآبق . ( وانظر تاريخ الطبري : 5 / 114 والبلاذري في أنساب الأشراف : 5 / 47 ، وابن الأثير في الكامل : 3 / 70 ، وابن أبي الحديد في شرح النهج : 1 / 165 ، وابن كثير في البداية والنهاية : 7 / 157 ، مسند أحمد : 6 / 77 و 259 ) .