تسير إلى الشام فقد ولّيتكها [1] ، فقال ابن عباس : ما هذا برأي ، معاوية رجل من بني أُمية ، وهو ابن عمّ عثمان وعامله ، ولست آمن أن يضرب عنقي بعثمان ، وأنّ أدنى ما هو صانع بي وإن أحسن إليَّ أن يحبسني ويحتكم فيَّ لقرابتي منك ، وكلّما حمل عليك حمل عليَّ ، ولكن أرسل إليه الكتاب الّذي كتبته تستقدمه [2] فيه وانظر ماذا يجيب . قال : فأرسل إليه عليٌّ [ الكتاب ] مع بشير الجهني [3] ، فلمّا قدم على معاوية بالكتاب فأخذه منه ووقف على ما فيه ولم يُجب عليه بشيء . وكلما تنجز جوابه لم يزده على قوله : أدِم إدامةَ حصن أو جِداً [4] بيدي * حرباً ضروساً تشبّ الجزل والضرما في جاركم وابنكم إذ كان مقتله * شنعاء شيّبت [5] الأصداغ [6] واللمما [7]
[1] ذكر ذلك ابن قتيبة في الإمامة والسياسة : 1 / 67 باختلاف يسير . قال عليّ : فإني قد ولّيتك الشام فسر إليها . قال : قلت : ليس هذا برأي ، أترى معاوية وهو ابن عمّ عثمان مخلياً بيني وبين عمله ، ولست آمن إن ظفر بي أين يقتلني بعثمان ، وأدنى ما هو صانع أن يحبسني ويحكم عليَّ ، ولكن اكتب إلى معاوية فمنه وعده ، فإن استقام لك الأمر فابعثني . قال : ثمّ أرسل بالبيعة إلى الآفاق وإلى جميع الأمصار ، فجاءته البيعة من كلّ مكان إلاّ الشام ، فإنّه لم يأته منها بيعة . فأرسل إلى المغيرة بن شعبة ، فقال له : سر إلى الشام فقد وليتكها . قال : تبعثني إلى معاوية وقد قُتل ابن عمّه ، ثمّ آتيه والياً ، فيظنّ أني من قتلة ابن عمّه ؟ ولكن إن شئت أبعث إليه بعهده ، فإنّه بالحري إذا بعثت له بعهده أن يسمع ويطيع . فكتب عليّ إلى معاوية : أمّا بعد فقد ولّيتك ما قبلك من الأمر والمال فبايع من قبلك ، ثمّ أقدم إليَّ في ألف رجل من أهل الشام . وذكر ابن كثير في البداية والنهاية : 7 / 185 أنّ علياً ولّى الشام سهل بن حُنيف . [2] في ( أ ) : مستقدمه . [3] ذكر الطبري في : 3 / 464 : وكان رسول أمير المؤمنين إلى معاوية سبرة الجهني فقدم عليه فلم يكتب معاوية بشيء ولم يجبه ورد رسوله وجعل كلّما تنجز جوابه لم يزد على قوله . . . [4] في ( أ ) : فخذ . [5] في ( أ ) : شيت . [6] في ( د ، أ ) : الأضلاع . [7] في ( أ ) : اللمسما .