أبيت عليَّ فانزع من شئت واترك معاوية فإنّ لمعاوية جرأة وهو في أهل الشام يطيعونه ويسمعون منه ، وتلك حجّة في إبقائه فإنّ عمر بن الخطّاب ولاّه الشام في خلافته ، فقلت : لاَ والله لاَ أستعمل معاوية يومين ، فانصرف من عندي وأنا أعرف منه أنّه يرى أنّي مخطئ ، ثمّ عاد إليَّ الآن فقال : إنّي أشرت إليك أوّل مرّة بالّذي أشرت وخالفتني [1] فيه ثمّ رأيت بعد ذلك أن تصنع الّذي رأيت أن تعزل من تختار وتستعين بمن تثق به فقد كفى بالله تعالى وهو أهون شوكة وأقلّ عدداً . قال ابن عباس ( رضي الله عنه ) : فقلت لعليّ ( عليه السلام ) : إنّما المرّة الأُولى فقد نصحك ، وأمّا المرّة الثانية فقد غشّك [2] . قال : وكيف نصحُه لي ؟ قلت : لأنّ معاوية وأصحابه أهل دنيا فمتى أثبتهم وأبقيتهم على عملهم لاَ يبالون من ولّي هذا الأمر ، ومتى تعزلهم يقولون أخذ هذا الأمر بغير شورى [3] ، وهو قتل صاحبنا [4] ، ويؤلبون [5] عليك فينتقض عليك أهل
[1] في ( ب ) : فخالفتني . [2] ذكر هذه القصّة الطبري في : 3 / 459 منشورات مؤسّسة الأعلمي بيروت : قال جاءني أمس بذيَّة وذَيَّة وجاءني اليوم بذيَّة وذيَّة ، فقال : أمّا أمس فقد نصحك وأمّا اليوم فقد غشّك . . . وساق الحديث إلى أن قال : وقال المغيرة : نصحته والله فلمّا لم يقبل غششته ، وخرج المغيرة حتّى لحق بمكة . ونقل الطبري أيضاً في : 3 / 460 قال ابن عباس : . . . فوجدت المغيرة مستخلياً به فحبسني حتّى خرج من عنده فقلت : ما ذا قال لك هذا ؟ فقال : قال لي قبل مرّته هذه : أرسل إلى عبد الله بن عامر وإلى معاوية وإلى عمّال عثمان بعهودهم تقرّهم على أعمالهم ويبايعون لك الناس فإنّهم يهدّئون البلاد ويسكنون الناس ، فأبيت ذلك عليه يومئذ وقلت له : والله لو كان ساعة من نهار لا جتهدت فيه رأيي ولا وليت هؤلاء ولا مثلهم يولي قال : ثمّ انصرف من عندي وأنا أعرف فيه أنّه يرى أنّي مخطئ ، ثمّ عاد إليَّ الآن فقال : إنّي أشرت عليك أوّل مرة بالّذي أشرت وخالفتني فيه ثمّ رأيت بعد ذلك رأياً وأنا أرى أن تضع الّذي رأيت فتنزعهم وتستعين بمن تثق به فقد كفى الله وهم أهون شوكة ممّا كان . . . ومثل ذلك جاء في كتاب الإمامة والسياسية لابن قتيبة في : 1 / 67 مع اختلاف بسيط . [3] في ( أ ) : حقّ . [4] في ( أ ) : أصحابنا . [5] في ( أ ) : يولون .