فإنّي أدعوك إلى الله تعالى ورسوله وإلى الإسلام ، فقال : أما هذه فلا حاجة لي فيها ، فقال له عليّ : فإذا كرهت هذه فإنّي أدعوك إلى النزال : قال [ له ] : ولِم يا ابن أخي فما أُحبّ أن أقتلك ولقد كان أبوك خِلاّ لي ، فقال [ له ] عليّ : ولكنّى والله أُحبّ أن أقتلك . فحمى عمرو وغضب من كلامه ، فاقتحم عن فرسه إلى الأرض وضرب وجهها ، ونزل عليّ ( رضي الله عنه ) عن فرسه ، وأقبل كلّ واحد منهما نحو الآخر فتصاولا وتجاولا ساعةً ثمّ ضربه عليّ ( رضي الله عنه ) على عاتقه بالسيف ورمى جثّته إلى الأرض وتركه قتيلا . ثمّ ركب عليّ ( رضي الله عنه ) على فرسه وكرّ على ابنه حنبل [1] بن عمرو فقتله ، فخرجت خيولهم منهزمة ورمى عِكرمة بن أبي جهل رمحه وفرّ منهزماً مع مَن انهزم من أصحابه [2] ، فرجع عليّ بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) وهو يقول :
[1] كما ذكرنا ورد في ( أ ) : حبيل ، وفي ( ب ) : حسل . [2] أجمعت المصادر التاريخية على أنّ الإمام عليّ ( عليه السلام ) بعد أن قَتل عمرو عطف على ابنه حنبل وقتله أيضاً فولّت خيولهم منهزمة ، وفي مقدّمتها فرار عِكرمة بن أبي جهل بعد أن رمى رمحه على الأرض وردّهم الله ( بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُواْ خَيْرًا وكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ) الأحزاب : 25 . وأضافت بعض المصادر أنّ الإمام عليّ ( عليه السلام ) قتل نوفل بن عبد الله بعد أن قصر فرسه فوقع في الخندق فرماه المسلمون بالحجارة فقال ( عليه السلام ) : يا معشر الناس ، قتلُه أكرم من هذه ، فنزل ( عليه السلام ) إليه وقتله . وأدرك الزبير هبيرة بن أبي وهب فضربه فقطع مؤخّر سرج فرسه ، وسقطت درعٌ كان حملها من ورائه فأخذها الزبير ، وألقى عِكرمة رمحه وناوش عمر بن الخطّاب ضرار بن عمرو فحمل عليه ضراراً حتّى إذا وجد عمر مسَّ الرمح رفعه عنه وقال : إنّها لنعمة مشكورة فاحفظها يا بن الخطّاب ، إنّي كنت آليت أن لا تمكّنني يداي من قتل قرشي فأقتله ، وانصرف ضرار راجعاً إلى أصحابه ، وقد كان جرى له معه مثل هذه في يوم أُحد . ( ذكره ابن هشام في سيرته : 3 / 241 ) . أمّا صاحب أعيان الشيعة : 1 / 396 فقال بعد أن ذكر فرار عِكرمة وضرار : وقتل منهم رجلان : منبّه أصابه سهم فمات منه بمكة . . . ثمّ ذكر رحمه الله تعالى في نفس الصفحة مقتل نوفل حيث قال : وفي رواية ضربه - عليّ - بالسيف فقطعه نصفين . . . ولحق عليّ ( عليه السلام ) هبيرة فأعجزه وضرب قربوس سرجه فسقطت درع له كان قد احتقبها . أمّا ابن هشام في السيرة : 3 / 241 فقال : وأمّا حسل بن عمرو فقد قتله عليّ ( عليه السلام ) قبل أن يهرب ، ولذلك قالوا : إنّ من قُتل من الهاربين اثنان ولو كان معهم لكانوا ثلاثة . فمن أراد المزيد فليراجع المصادر السابقة .