responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب نویسنده : السيد فخار بن معد    جلد : 1  صفحه : 269


عن الخطأ في قوله ( ما كان للنبي والذين آمنوا ان يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى ) [1] فمن قال : بكفر أبي طالب فقد حكم على النبي ( ص ) بالخطأ ، والله تعالى قد نزهه عنه في أقواله ، وأفعاله ولو كان أبو طالب مات كافرا " لما أبنه النبي بعد الموت ، ولا اثنى عليه



[1] البراءة : 113 . هذه الآية من الآيات التي يستدل بها القائلون بموت أبي طالب ، وهو مشرك فقد اخرج البخاري في ( صحيحه 201 / 2 ) باسناده عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبيه ، قال لما حضرت أبا طالب الوفاة ، دخل رسول الله ( ص ) فوحد عنده أبا جهل ، وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة ، فقال : اي عم ! قل : لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله . فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فقال النبي ( ص ) لاستغفرن لك ما لم انه عنك فنزلت : ( ما كان للنبي والذين آمنوا ان يستغفروا للمشركين ، ولو كانوا أولي قربى ، من بعد ما تبين لهم انهم أصحاب الجحيم ) . وتبع البخاري مسلم برواية مثلها ، وعن طريق سعيد المسيب أيضا " ، وتناقلها عنهما جل المفسرين والرواة . وموقفنا من هذه الرواية يتلخص بما يلي : أولا - ان سعيد بن المسيب هو مصدر هذه الرواية ، ولقد تقدم الحديث عنه في كتابنا هذا ص 147 وذكرنا انحرافه عن الامام أمير المؤمنين ( ع ) ، وقد رمته بعض المصادر : بأنه ممن نصب العداء لعلي عليه السلام ، فلا يحتج بما يقوله أو يتقول فيه . ثانيا " - ان الآية المذكورة من سورة براءة ، وهذه السورة نزلت بعد الفتح في المدينة . راجع ( تاريخ اليعقوبي : 32 / 2 ) عام ثمان للهجرة ، ومعنى هذا ان الفرق بين وفاة أبى طالب ونزول هذه الآية ما ينيف على ثمانية أعوام ، مضافا إلى أن وفاة أبي طالب بمكة كانت ، وهذه نزلت بالمدينة . ثالثا " - لقد نزلت قبل هذه الآية عدة آيات زاجرة ، نهى الرسول ( ص ) والمؤمنين عن موادة المشركين والمنافقين وموالاتهم والاستغفار لهم . آ - آية 22 المجادلة نزلت بالمدينة ، قبل سورة البراءة ، وقيل إنها نزلت يوم بدر في العام الثاني للهجرة ، وقيل : في أحد ، العام الثالث ، وقيل إنها أو بعضها مكية . . وكيفما كان فسورة ( المجادلة ) نزلت قبل ( براءة ) بعدة سنين وقبلها بسبع سور . ب - آية 139 و 144 النساء . قيل : انها مكية ، وقيل : انها نزلت عند الهجرة ، ودعوى هناك بأنها مدنية استنادا " إلى قول عائشة . . وعلى اي تقدير كان نزولها قبل ( براءة ) بإحدى وعشرين سورة . ج - آية 28 عمران نزل صدر هذه السورة إلى بضع وثمانين آية في أوائل الهجرة ، يوم وفد نجران . وروى القرطبي وغيره آية 28 آل عمران نزلت يوم الأحزاب في عبادة بن الصامت - والأحزاب في العام الخامس من الهجرة - . مضافا إلى أن هذه السورة نزلت قبل ( براءة ) بأربع وعشرين سورة . د - آية 6 المنافقين . نزلت في غزوة بني المصطلق عام ست للهجرة ، وقبل ( براءة ) بثمان سور . ه‌ - آية : 23 و 80 التوبة ( براءة ) ، وقد نزلت الآيتان . قبل آية الاستغفار المشار إليها . فهل كان الرسول الأعظم في هذه الفترة يستغفر لعمه ، ويخالف أوامر الله بهذه الآيات الكثيرة ، لو فرضنا انه مات كافرا " وحاشا لله ، يقول شيخنا الأميني ( ولهذا كله استبعد الحسين بن الفضل نزول - هذه الآية - في أبى طالب وقال : هذا بعيد ، لان السورة من آخر ما نزل من القرآن ، ومات أبو طالب في عنفوان الاسلام ، والنبي بمكة ، وذكره القرطبي وأقره في تفسيره : 273 / 8 ) . رابعا " - هناك روايات تعارض وجه نزول هذه الآية الكريمة ، وتكاد تنحصر بثمانية عشر وكل منهما تذكر سببا في نزول هذه الآية ، وإذا حاولنا تداخل بعضها البعض فتنحصر بما يلي : 1 - ان قسما " كبيرا " من هذه الروايات تؤكد على أن هذه الآية نزلت ، عندما استغفر الرسول لامه . اخرج الطبري في ( تفسيره 31 / 11 ) بان الرسول لما قدم مكة وقف على قبر أمه حتى سخنت عليه الشمس وجاء ان يؤذن له فيستغفر لها حتى نزلت الآية : ما كان للنبي . . إلى قوله تبرأ منه . وروى الزمخشري في ( الكشاف 49 / 2 ) حديث نزول الآية في أبى طالب ، ثم ذكر هذا الحديث في سبب نزولها وأردفها بقوله : قبل الهجرة ، وهذا آخر ما نزل بالمدينة . 2 - رواية أوردها السيوطي في ( الدر المنثور 283 / 3 ) عن ابن عباس ( ان النبي ( ص ) أراد ان يستغفر لأبيه فنهاه الله عن ذلك بقوله ما كان للنبي والذين آمنوا . . . الآية . قال : فان إبراهيم قد استغفر لأبيه فنزلت وما كان استغفار إبراهيم لأبيه الا عن موعدة . . . الآية . ) 3 - ان بعضا منها تقول : ان الآية نزلت عندما طلب قسم من المسلمين من النبي ( ص ) السماح لهم بالاستغفار لآبائهم الذين ماتوا في الجاهلية فنزلت الآية المذكورة . وفي هذا الصدد روي عن الإمام علي عليه السلام ، قال سمعت رجلا يستغفر لأبويه ، وهما مشركان ، فقلت : تستغفر لأبويك ، وهما مشركان ؟ فقال : أو لم يستغفر إبراهيم ؟ فذكرت ذلك للنبي ( ص ) فنزلت : ما كان للنبي . . . الآية راجع عن مصادر هذا الحديث ( أبو طالب مؤمن قريش : هامش ص 347 ) . وعلق عليها زيني دحلان في ( أسنى المطالب 32 ) قائلا ( فالأرجح انها نزلت في استغفار أناس لآبائهم المشركين لا في أبى طالب ) . 4 - ان الطبري ذهب في ( تفسيره 33 / 11 ) إلى أن الاستغفار هنا بمعنى الصلاة ، ثم اخرج من طريق المثنى ، عن عطاء بن أبي رباح ، قال : ما كنت ادع الصلاة ، على أحد من أهل هذه القبلة ، ولو كانت حبشية حبلى من الزنا لأني لم اسمع الله يحجب الصلاة إلا عن المشركين ، يقول الله : ما كان للنبي . الآية وعلق شيخنا الأميني على ذلك بقوله : ( وهذا لتفسير ان صح فهو مخالف لجميع ما تقدم من الروايات الدالة على أن المراد من الآية هو طلب المغفرة ، كما هو الظاهر المتفاهم من اللفظ ) . 5 - وان قسما من الروايات تقول انها نزلت في أبى طالب . تقول الرواية عن علي ، قال : أخبرت رسول الله ( ص ) بموت أبى طالب فبكى ، فقال : اذهب فغسله ، وكفنه ، وواره غفر الله له ، ورحمه . ففعلت ، وجعل رسول الله ( ص ) يستغفر له أياما ، ولا يخرج من بيته حتى نزل جبرئيل بهذه الآية : ما كان للنبي . . الآية . راجع ( طبقات ابن سعد : 105 / 1 والدر المنثور : 282 ، نقلا عن ابن سعد ، وابن عساكر ) . وقد تقدم ان هجرة النبي ( ص ) كانت على أعقاب وفاة أبي طالب ، وسورة ( براءة ) نزلت بعد فتح مكة عام ثمان للهجرة ، ومعنى هذا فان الآية المذكورة نزلت بعد وفاة أبى طالب بحفنة من السنين ، والرواية تقول انها نزلت بعد وفاته بأيام ، فأيهما الصحيح ؟ ! . وإذا بسطنا هذه الروايات العديدة ، وعرفنا مدى التضارب والتعارض بينها ، فكيف يذهب القائلون بكفر أبى طالب إلى جانب مع قوة الجانب الاخر خامسا " - ان سياق الآية الكريمة - آية الاستغفار سياق نفي لا نهي فلا نص فيها على أن رسول الله ( ص ) استغفر فنهي عنه ، وإنما يلتئم مع استغفاره لعلمه بايمان عمه ، وبما ان في الحضور كان من لا يعرف ذلك من ظاهر حال أبى طالب الذي كان يماشي به قريشا " ، فقالوا في ذلك ، أو اتخذوه مدركا لجواز الاستغفار للمشركين ، كما ربما احتجوا بفعل إبراهيم ، فأنزل الله سبحانه الآية وما بعدها من قوله تعالى : وما كان استغفار إبراهيم . . الآية : تنزيها " للنبي ( ص ) وتعذيرا " لإبراهيم وايعازا " إلى أن من استغفر له النبي ( ص ) لم يكن مشركا " كما حسبوه ، وان مرتبة النبوة تأبى عن الاستغفار للمشركين ، فنفس صدوره منه ( ص ) برهنة كافية على أن أبا طالب لم يكن مشركا " ) . سادسا " - روى ابن هشام في ( سيرته 418 / 1 ) قائلا : ( فلما تقارب من أبي طالب الموت ، قال : نظر العباس إليه يحرك شفتيه ، قال : فأصغى إليه باذنه قال : فقال يا بن أخي ، والله لقد قال الكلمة التي أمرته ان يقولها ) ، وقال ابن أبي الحديد في : ( شرح النهج 312 / 3 ) ( روى بأسانيد كثيرة بعضها عن العباس بن عبد المطلب ، وبعضها عن أبي بكر بن أبي قحافة ان أبا طالب ما مات حتى قال : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، والخبر مشهور ، ان أبا طالب عند الموت قال كلاما " خفيا " فأصغى إليه أخوه العباس ، ثم رفع رأسه إلى رسول الله ( ص ) فقال يا بن أخي والله لقد قالها عمك ، ولكنه ضعف عن أن يبلغك صوته ) . اما الحديث الأول الذي رواه ابن هشام فهو بقية للحديث الذي نقل عن البخاري ومسلم ، فإذا قلنا بصحة الحديث فلا بد من الاخذ ببقية ، وإذا ذهبنا إلى عكسه ، فلا بد ان يكون الكل غير صحيح . سابعا " - وإذا تنزلنا ولم نقبل كل هذه الروايات ، وضربنا شهادات الصحابة والخلفاء في حقه عرض الجدار ، فلا بد ان نرجع إلى كلمته التي ألقاها في الساعات الأخيرة وهي ( اني على ملة عبد المطلب ) ونتسائل بعد ذلك ما هي ملة عبد المطلب ؟ أليست هي الحنيفية البيضاء ، دين الحق والعدل ، وللعلماء كتب كثيرة تؤكد على ايمان آباء النبي ( ص ) وانهم على الحق والهدى ، ولقد سرد شيخنا الأميني عددا " من الكتب المؤلفة في ايمان آباء النبي فراجعها في ( الغدير : 17 / 8 هامش 1 ) . وبعد هذا كله أليس من التعسف ان نأخذ بقول من الأقوال الواردة في هذه الآية ونترك الأقوال الاخر . دون ان يكون هناك دليل يدعم هذا القول ويخصه لخص هذا البحث عن ( الغدير 8 - 17 / 8 ومؤمن قريش أبو طالب 341 - 362 ) بالإضافة ما توصلنا إليه من غير هذين المصدرين .

269

نام کتاب : الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب نویسنده : السيد فخار بن معد    جلد : 1  صفحه : 269
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست