وصفاته وأحكامه ، فإن ضمّ مع تبليغ الأحكام والتأديب بالأخلاق والتعليم ، وبالحكمة والقيام بالسياسة ، فهي النبوة التشريعية وتختص بالرسالة ، وقس عليها الولاية المقيدة . فكلّ من النبوة والولاية من حيث هي صفة إلهية مطلقة ، ومن حيث استنادها إلى الأنبياء والأولياء مقيدة ، والمقيد متقوم بالمطلق ، والمطلق ظاهر في المقيد فنبوة الأنبياء كلَّهم جزئيات النبوة المطلقة ، وكذلك ولاية الأولياء جزئيات الولاية المطلقة ، ولكلّ من الأقسام الأربعة ختم ، أي مرتبة ليست فوقها مرتبة أخرى ، ومقام لا نبي على ذلك المقام ولا ولي سوى الشخص المخصوص به ، بل الكلّ يكون راجعا إليه وإن تأخر وجود طينة صاحبه فإنه بحقيقته موجود قبله . وخاتم النبوة المطلقة نبينا صلَّى الله عليه وآله وخاتم الولاية المطلقة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام والنبوة المقيدة إنما كملت وبلغت غايتها بالتدريج ، فأصلها تمهد بآدم عليه السّلام ولم تزل تنمو وتكمل حتى بلغ كمالها إلى نبينا صلَّى الله عليه وآله ولهذا كان خاتم النبيين ، وإليه الإشارة بما روي عنه صلَّى الله عليه وآله : مثل النبوة مثل دار معمورة لم يبق فيها إلا موضع لبنة ، وكنت أنا تلك اللبنة ، أو لفظ هذا معناه . وكذلك الولاية المقيدة إنما تدرجت إلى الكمال حتى بلغت غايتها إلى المهدي الموعود ظهوره ، الذي هو صاحب الأمر في هذا العصر ، وبقية الله اليوم في بلاده وعباده ( صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه المعصومين ) . وقال بعضهم [1] : الولاية هي قيام العبد بالحق عند الفناء عن نفسه ، وعند ذلك يتولى الحق إياه حتى يبلغه مقام القرب والتمكين ، وشرحه بعضهم بقوله : الولاية مأخوذة من الولي وهو القرب ولذا يسمى الحبيب وليّا ، لكونه قريبا من محبّه . وفي الاصطلاح : هو القرب من الحقّ وهي عامة وخاصة ، والعامة حاصلة لكلّ نبيّ آمن با لله وعمل صالحا ، والخاصة هي الفناء في الله ذاتا وصفة وفعلا ، فالولي هو الفاني
[1] وهو الملا عبد الرزاق الكاشاني على ما في عقائد الإيمان . .