نام کتاب : شرح العقيدة الطحاوية نویسنده : ابن أبي العز الحنفي جلد : 1 صفحه : 283
الاستعاذة بالله أن يجيره من عدوه ويعصمه من كيده وأذاه إلى غير ذلك من الحكم التي تعجز العقول عن إدراكها فإن قيل فهل كان يمكن وجود تلك الحكم بدون هذه الأسباب فهذا سؤال فاسد وهو فرض وجود الملزوم بدون لازمه كفرض وجود الابن بدون الأب والحركة بدون المتحرك والتوبة بدون التائب فإن قيل فإذا كانت هذه الأسباب مرادة لما تفضي إليه من الحكم فهل تكون مرضية محبوبة من هذا الوجه أم هي مسخوطة من جميع الوجوه قيل هذا السؤال يرد على وجهين أحدهما من جهة الرب تعالى وهل يكون محبا لها من جهة إفضالها إلى محبوبه وان كان يبغضها لذاتها والثاني من جهة العبد وهو أنه هل يسوغ له الرضى بها من تلك الجهة أيضا فهذا سؤال له شأن فاعلم أن الشر كله يرجع إلى العدم أعني عدم الخير وأسبابه المفضية إليه وهو من هذه الجهة شر واما من جهة وجوده المحض فلا شر فيه مثاله أن النفوس الشريرة وجودها خير من حيث هي موجودة وإنما حصل لها الشر بقطع مادة الخير عنها فإنها خلقت في الأصل متحركة فإن أعينت بالعلم وإلهام الخير تحركت به وإن تركت تحركت بطبعها إلى خلافه وحركتها من حيث هي حركة خير وإنما تكون شرا بالإضافة لا من حيث هي حركة والشر كله ظلم وهو وضع الشيء في غير محله فلو وضع في موضعه لم يكن شرا فعلم أن جهة الشر فيه نسبية إضافية ولهذا كانت العقوبات الموضوعة في محالها خيرا من نفسها وإن كانت شرا بالنسبة إلى المحل الذي حلت به لما أحدثت فيه من الألم الذي كانت الطبيعة قابلة لضده من اللذة مستعدة له فصار ذلك الألم شرا بالنسبة إليها وهو خير بالنسبة إلى الفاعل حيث وضعه في موضعه فإنه سبحانه لم يخلق شرا محضا من جميع الوجوه والاعتبارات فإن
283
نام کتاب : شرح العقيدة الطحاوية نویسنده : ابن أبي العز الحنفي جلد : 1 صفحه : 283