نام کتاب : مجلة تراثنا نویسنده : مؤسسة آل البيت جلد : 5 صفحه : 283
في كل مواضع شعر الشريف الرضي ، وكانت حلبة واسعة لفخره ، ذلك الفخر الذي يتمفصل على محورين : المحور الأول : المحور الذاتي ، ويتمثل في الفخار بالخلق السامي ورفض الذل والتطلع الدائم إلى الأفق الأعلى من آفاق الكرامة الإنسانية التي تفرضها الذات المتسامية عن صغار الدنيا كقوله رضوان الله عليه : مالي أذل ، وصارمي لم ينثلم * بطلى العدى ، وقناي لم يتقصد حيث يستفهم استفهاما إنكاريا عن رضاه بالذل إن حاول بعضهم أن يسمه به ، فكيف سيرتضى ذلك ، وسيفه " صارمي " لم ينثلم من ضرب أعناق " طلى " أعدائه ورمحه لم يتكسر ، أي إن دون إذلاله حرب لا بد أن تقع بالسيف الذي يضرب أعناق الأعداء حتى يتثلم ، وبالرمح الذي يطاعنهم به حتى يتكسر . وتبلغ حساسية الكرامة مداها الأوفى بصرخته الخالدة عبر الزمن : ما مقامي على الهوان ، وعندي * مقول صارم وأنف حمي وإباء محلق بي عن الضنيم * كما راغ طائر وحشي فإنه يتساءل منكرا أن يرتضي الإقامة على الهوان والذل ، ولديه المعول الصارم والأنف الحمي ، وإلا باء الذي يحلق عن الضيم والظلم وكأنه الطائر الوحشي في نفوره وعلو طيرانه ، أو سمة رمزية يطرز بها الشريف رفضه للذل والهوان ، المقول الصارم رمز إلى الجرأة في القول ، والحزم تجاه مناوئيه ومن يريد إذ لا له وإلحاق الهوان به ، والأنف الحمي : رمز إلى العزة والكبرياء ، والأنف - عند العرب - من الآنفة والترفع ، يستشعر ما يتطلبه منه نسبه ، ووضعه الاجتماعي ، من طهر ذيل ، وسمو نفس ، وعفة قلب ، وسعة علم ، إضافة للوازع الديني المذهبي الذي لم يتخل عنه الرضي الشريف في أية خطوة خطاها في عمره الطيب . لقد أدرك الشريف الرضي أن النسب الطاهر لن ينفع شيئا إن لم تواكبه حياة طاهرة تكون أهلا لحمل شرف الانتساب إلى دوحة النبوة : إن أشر الخطب فلا روعة * أو عظم الأمر فصبر جميل ليهون المرء بأيامه * إن مقام المرء فيها قليل
283
نام کتاب : مجلة تراثنا نویسنده : مؤسسة آل البيت جلد : 5 صفحه : 283