نام کتاب : مجلة تراثنا نویسنده : مؤسسة آل البيت جلد : 5 صفحه : 276
الندمان ، ولم يستعمل الملاهي ، فإننا نعذره في الأوصاف ، سيما ما يكون منها مقترحا عليه ، لأنها تقع في زمنها لأسباب مجهولة ، لا يصح الحكم عليها بشئ ، والوصف بمجرده لا يقدح بصاحبه ، وإن أظهره بمظهر الحاضر المشاهد " [21] . وكذلك هم يقولون : " . . . ولا يليق بنا أن نمدح الشريف الرضي بأن شعره خال من المجون الذي كان شائعا في ذلك العصر ، فهو أجل قدرا ، وأرفع شأنا من أن نمدحه بذلك . كما أن شعره خال من وصف الخمرة ، وإن وصفها كثير من الشعراء الذين لا يتعاطونها . ولكن الشريف لم يصفها إلا بسؤال من سأله ذلك على لسان بعض الناس ، فوصفها بعدة أبيات لم يصفها بغيرها " [22] . وأخيرا ، فإننا حين نسمع الشريف الرضي يقول : وقور فلا الألحان تأسر عزمتي * ولا تمكر الصهباء لي حين أشرب فإننا نعرف : إن ذلك ما هو إلا استرسال شاعر ، لا يمكن أن يريد به معناه الحقيقي المطابقي أبدا ، وإنما يريد به التأكيد على لازم المعنى ليس إلا ، ثم هو يتبع ذلك بقوله : ولا أعرض الفحشاء إلا بوصفها * ولا أنطق العوراء والقلب مغضب وبعد كل ما تقدم ، نقول : إنه إذا كان السيد الشريف يتحاشى حتى عن إيراد الكلمات النابية حتى وهو في مقام الهجاء في شعره . وإذا كان يترسم طريق العفة والشرف والكرامة ، ولا يجيز لنفسه أن يصدر فيه شئ مما يتعاطاه الشعراء حتى أهل النبل والكرامة منهم ، وإذا كان يربأ بنفسه حتى عن وصف الخمرة ومجالس اللهو والغناء ، فإننا لا نستطيع أن نتصوره مشاركا في تلك المجالس أو ممعنا في تناول النبيذ الذي يعتقد حرمته تدينا ، وهو الرجل الزاهد الورع ، والنزيه الجليل ، الشريف النفس ، عالي الهمة ، ولا سيما وهو يعلم أن هذه المجالس ، وتلكم الأحوال لا تخلو من صدور شئ مما يتنافى مع الشرف والكرامة والسؤود . وهكذا ، فإننا نجد أنفسنا مضطرين لقبول قول بعض الباحثين أنه رحمه الله : " لم يجالس الخلفاء والظرفاء ، الذين يستخفون بالنواميس في أيام شبيبته " [23] .
[21] حقائق التأويل ، مقدمة الحلي : 53 . [22] أعيان الشيعة 9 : 217 . [23] حقائق التأويل ، مقدمة الشيخ عبد الحسين الحلي : 50 .
276
نام کتاب : مجلة تراثنا نویسنده : مؤسسة آل البيت جلد : 5 صفحه : 276