نام کتاب : مجلة تراثنا نویسنده : مؤسسة آل البيت جلد : 5 صفحه : 26
عطاه وإذا سكت ابتداه ، فلا غرو أن ينشأ سيد الفصحاء وأمير البيان ومسنن البلاغة . تراه منذ عهد الرسالة حيث بعثه صلى الله عليه وآله إلى اليمن على إثر خالد بن الوليد وكان قد حاصرهم ستة أشهر فلم يسلموا ، فأرسله صلى الله عليه وآله على أثره ، فما كان إلا أن خطبهم وقرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله حتى أسلموا عن آخرهم . هكذا تؤثر الخطب الفصيحة والكلام البليغ المنبثق عن علم وحكمة وإيمان وإخلاص ، ثم حظى عليه السلام بدعوة مجابة من رسول الله صلى الله عليه وآله عندما بعثه ثانية إلى اليمن للقضاء فشرفه عند ذاك بوسام قولته صلى الله عليه وآله : " اذهب فإن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك " . فما ظنك بلسان قد ثبته الله يفرغ عن قلب قد هداه الله ، ولا غرو إذا ما طفحت خطبه عليه السلام بلاغة وحكمة بحيث أن العدو الخارجي عندما سمع كلامه لم يملك نفسه إلا أن قال : قاتله الله كافرا ، ما أفقهه ! ! هذا تأثير كلامه في الخارج عليه ، المكفر له ، فما حال الموالين له ، القائلين بإمامته . والعرب - كما تعلمون - كانت تتكل على الحفظ ، وتعتمد الرواية الشفوية ، فقوي لذلك حفظها ، فكانت تحفظ القصائد الكبار والسور الطوال والخطب المطولة ، ولكن حرصهم على كلام أمير المؤمنين عليه السلام وشدة إعجابهم به جعلهم يسجلونه فور إلقائه ، ويدونونه إثر استماعه ، حرصا عليه ، واحتفاظا به ، فقد روى الكليني في الكافي [1] والصدوق في كتاب التوحيد بإسنادهما عن أبي إسحاق السبيعي ، عن الحارث الأعور قال : " خطب أمير المؤمنين عليه السلام خطبة بعد صلاة العصر ، فعجب الناس من حسن صفته وما ذكره من تعظيم الله جل جلاله . قال أبو إسحاق : فقلت للحارث : أو ما حفظتها ؟ قال : قد كتبتها ، فأملاها علينا من كتابه : الحمد لله الذي لا يموت ولا تنقضي عجائبه . . . " . فكلامه عليه السلام جلب الأنظار وجذب الأفكار ، فجعلوا يدونونه ويتداولونه إعجابا وحفاظا عليه ، وإليك أسماء من دونوا كلامه عليه السلام من خطب وكتب
[1] الكافي 1 / 141 كتاب التوحيد ، باب جوامع التوحيد ، الحديث 7 ، وكتاب التوحيد للصدوق ص 31 في الباب الثاني ، باب التوحيد ونفي التشبيه ، نهج السعادة 1 / 554 ، بحار الأنوار 4 / 264 .
26
نام کتاب : مجلة تراثنا نویسنده : مؤسسة آل البيت جلد : 5 صفحه : 26