نام کتاب : مجلة تراثنا نویسنده : مؤسسة آل البيت جلد : 5 صفحه : 242
ورغم هذا التناقض في الاتجاهين ، فإنهما كانا يخضعان في كثير من الأحيان إلى تلك التأثيرات الكامنة في أعماق الشاعر ، وهي التي لا يمكن التخلص منها بأي حال لارتباطها بالجانب العقائدي أو المذهبي ، فكانت من كل ذلك المحتوى : العاطفة الحزينة ، والألم الحاد ، والشكوى المرة . وبرز هذا الطابع في شعر الرضي على مر لأهل البيت عليهم السلام ، كما مثل مهيار الأسلوب المتطرف في قصائده العقائدية . وكذلك برز هذا الطابع على شعر ابن الحجاج الذي يهرع عند الشدة فيقول : خمسة حبهم إذا اشتد حزني * ثقتي عند خالقي وأماني قد تيقنت أنهم ينقلوني * من يدي مالك إلى رضوان [178] وإلى جانب الطابع المذهبي ، الذي يختص ببعضهم ، فإن الطابع السائد للجميع هو الشقاء والمعاناة ، والشكوى من مر الأيام ، ومتاعب الثورة . فقد كان الشريف الرضي محور عصره في الناحية الثورية ، والنقمة على الحاكمين ، إنه يتفجر ساخطا عليهم مرة فيخاطبهم في قصيدة طويلة منها : هيهات أغتر بالسلطان ثانية * قد ضل ولاج أبواب السلاطين هبوا أصولكم أصلي على مضض * ما تصنعون بأخلاق تنافيني كم الهوان كأني بينكم جمل * في كل يوم قطيع الذل يحدوني توقعوها وقد شبت بوارقها * بعارض كصريم الليل مدفون [179] وهكذا نصل إلى نهاية الحديث عن الشاعر المفلق ، والعالم المبدع الشريف الرضي ، الذي خلف للأمة الإسلامية قمة شموخ تتجلى بتراثه الجليل ، في كلما أنتج عقله الوقاد ، وفكره الثاقب . والحديث عن الشريف طريق وعويص - كما أشرت في بداية البحث - وليت