نام کتاب : مجلة تراثنا نویسنده : مؤسسة آل البيت جلد : 5 صفحه : 240
وحيث أن الرجل يحمل هما على كتفيه يريد الوصول إليه فلا مانع أن يسلك الطريق الوعر ، ويزج بنفسه في متاهات الشعراء ، أساليبهم ، وممارساتهم ، ولكنه يختلف عن كثير منهم بعفة ونزاهة لا يطرق بابه إثم أو انحدار ، إنه يصرح بذلك في قصيدة يمدح أباه الشريف في عيد الغدير عام 396 ه جاء فيها : وما الشعر فخري ولكنه * أطول به همة الفاخر أنزهه عن لقاء الرجال * وأجعله تحفة الزائر فما يتهدى إليه الملوك * إلا من المثل السائر وإني وإن كنت من أهله * لتنكرني حرفة الشاعر [166] 3 - إن الشريف الرضي لم يتكأ على الشعر لغرض المدح والثناء إنما انقاد إليه للضرورة الفارضة ، التي حملته إلى هذا الاتجاه نحو تحقيق طموحه وغاياته ، وإلا فهو " أحد علماء عصره قرأ عليه أجلاء الأفاضل " [167] . وشجعه عليه هذا الاتجاه ازدهار الحركة الشعرية في العراق ، حتى وصف بأنه كان مسرحا لعرائس الشعر الجميل [168] ، وفتحت أبواب الخلفاء والملوك والوزراء والأمراء ببغداد على مصراعيها للشعراء والأدباء ، يجزلون لهم العطاء ويوزعون عليهم المراتب والجاه ، ليضمنوا بقاءهم معهم ، وكانت هذه الخاصة قد تميزت بها ملوك وأمراء آل بويه ، وشهدت لهم المصادر التاريخية ، والأدبية بأنهم رعوا الأدب والقبر فضل أيما رعاية ، وكان الشريف الرضي أحد هؤلاء الذين انقادوا لهذا الاتجاه - فكانت له المكانة المرموقة فيه - [169] من أجل تحقيق طموحه . 4 - لقد حفل العراق بالقرن الرابع الهجري باضطراب الأحوال السياسية ، والفكرية ، والاجتماعية وكان تأثيره كبيرا على المجتمع العراقي ، مما أدى إلى انقسام خطير في تركيبه السياسي والاجتماعي وانسحاب كل ذلك على الجانب الفكري مما
[166] ديوان الرضي : 1 / 331 . [167] ابن عنبة - عمدة الطالب : 233 . [168] د . مبارك - عبقرية الشريف الرضي : 1 / 81 . [169] أبو خشب - تاريخ الأدب العربي : 463 .
240
نام کتاب : مجلة تراثنا نویسنده : مؤسسة آل البيت جلد : 5 صفحه : 240