نام کتاب : مجلة تراثنا نویسنده : مؤسسة آل البيت جلد : 5 صفحه : 194
صورا [66] ، استحلاءا لنظامه ، وتعجبا من بعد غوره في الفصاحة ومرامه ، وبلغ من درجات الشعر مناط العيوق والنسر ، وأبدع في صنعته كل الابداع ، حتى أروى بماء كلامه الرقراق ظمأ الاسماع ، ولم يبق في قوس البلاغة منزعا ، متحققا فيها لا متشبعا ، تضاهي قلائده أوشحة المجرة والجوزاء ، يكاد يخبو لديها دراري السماء ، يقرطس [67] سهام البلاغة أهدافها ، ويقشر عن لآلئ البحر من أصدافها ، ويمتري مستوعبا أخلافها ، متربعا في أوساطها ، جامعا أطرافها . فإن الشريف الرضي أعذب كلاما ، وأحلى نظاما ، وأندى بمحاسن الشعر غماما ، وأتم فيها تماما . بحر لا تكدره الدلاء ، ونطق يقصر عنه لو نطق الجوزاء ، وقصائد تبهى بمزاينها جبين الأيام ، ويتوضح بضيائها سدف الظلام ، وشواردهن بعدهن قريبة من الأفهام ، إذا حصلت على البياض بين المدد وألسنة الأقلام ، يخوض بها لجج البلاغة أتم الخوض ، ويفتن في أنواعها تفنن الصفراء والحمراء من قطع الروض . فما من باب شرع فيه إلا علك الفصاحة بأشد لحى ، حتى كأنه ألهم الصواب بأسد وحى ، وما من بحر ركب سفينة ، إلا غاص على دره وانتزع دفينه . وإن من ولدته هاشم وانتسب إلى مضر الحمراء لعريق في الفصاحة رأس في الفصحاء ، إذا عضد بما عضد به الرضي من سلاسة ألفاظ ، وبعد مرمى في المعاني والأغراض . وليس يستحيي مفضول فضله الشريف وإن كان أمير المنطق ، بليغ المشرق ، فلا إزراء بالقمر وإن بهرته الشمس ، وللعرب الفصاحة مسلمة ليست تنكر ذلك الفرس . وهذا حكم يحكم به حكام الفضل ، ويسجل به أولو التمييز والعقل . ومن تأمل الكلمتين لم يطل به الزمان حتى ينقاد لحكمي وإن كان أبيا ، ويحطب في حبلي وإن كان ؟ ؟ [68] . ولولا خوف الملال لوازنت بين كل بيتين من الكلمتين ، حتى يتبين الصبح لذي عينين . كتبه علي بن أحمد الواحدي .
[66] أي مائلة ملتفة إليه ، يقال " صار عنقه أو وجهه إلي " : أي أماله وأقبل به علي . [67] قرطس السهم : أصاب القرطاس ، أي الغرض . [68] لعله " باينا " .
194
نام کتاب : مجلة تراثنا نویسنده : مؤسسة آل البيت جلد : 5 صفحه : 194