نام کتاب : مجلة تراثنا نویسنده : مؤسسة آل البيت جلد : 35 صفحه : 64
الحياة . ويدل على أن مراد المرتضى والطوسي ( علم الإمام بما يجري ) قولهما في آخر الفقرة الرابعة : ( فلما رأى عليه السلام إقدام القوم ، وأن الدين منبوذ وراء ظهورهم ، وعلم أنه إن دخل تحت حكم ابن زياد تعجل الذل . . . ) . فإذا كان الحسين عليه السلام علم هذا ، فأجدر به أن يعلم غيره مما جرى ! وأما قولهما في الفقرة الثانية : ( ولم يكن في حسابه أن القوم يغدر بعضهم . . . ) . فمعناه : أن احتمالات الغدر والخيانة وطروء الظروف غير المنظورة ، أمور لا تدخل في الحساب ، لأنها تخمينات لا يمكن الاعتماد عليها لمن يقدم على مثل ما أقدم عليه الإمام الحسين عليه السلام في الخطورة والأهمية ، وفي النتائج العظيمة والوخيمة التي كانت تترتب عليه إيجابا وسلبا . فالإمام الحسين عليه السلام بنى حركته على أساس من علمه بوجوبها عليه ، وعلمه بما يترتب عليها من النتائج ، وما يجب أن يتحمله من المآسي والآلام ، فلا تمنعه الاحتمالات ولا تدخل في حسابه التخمينات ، ولم يأبه بما يثار في هذه الطريق من الأخطار ، إذ لا ينقض اليقين بيقين أحد من الناس العاديين ، فكيف بظنونهم واحتمالاتهم ؟ ! إن الحسين عليه السلام كان يعمل ويسير من منطلق العلم بالحكم الشرعي المحدد له في مثل ظرفه ، والواضح له من خلال تدبر مصالح الإسلام والمسلمين ، والمعروف له من بوابة الغيب المتصلة بطرق السماء من خلال الوحي النبوي والإلهام ، فكان يرى كل شئ رأي العين ، ويسير بثبات ويقين ، ولم يكن ليصرفه عن واجبه الإلهي المعلوم له ، كل ما يعرفه من غدر الكوفة وخيانة أهلها ، فكيف ينصرف باحتمال غدرهم ، وظن خيانتهم ؟ ! وقد شرحنا في كتابنا ( الحسين عليه السلام سماته وسيرته ) جانبا من هذه
64
نام کتاب : مجلة تراثنا نویسنده : مؤسسة آل البيت جلد : 35 صفحه : 64