نام کتاب : مجلة تراثنا نویسنده : مؤسسة آل البيت جلد : 35 صفحه : 55
ومنهم من قال : إن ذلك لا يجوز ، لأن دفع الضرر عن النفس واجب عقلا وشرعا ، ولا يجوز أن يتعبد بالصبر على القبيح ، وإنما يتعبد بالصبر على الحسن ، ولا خلاف أن ما وقع من القتل كان قبيحا ، بل من أقبح القبيح . وتأول هذا القائل ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام ، من الأخبار الدالة على علمه بقتله ، بأن قال : كان يعلم ذلك على سبيل الجملة ، ولم يعلم بالوقت بعينه ، وكذلك علم الليلة التي يقتل فيها بعينها ، غير أنه لم يعلم الوقت الذي يحدث فيه القتل . وهذا المذهب هو الذي اختاره المرتضى - رحمة الله عليه - في هذه المسألة . ولي - في هذه المسألة - نظر [29] . والذي يستفاد من هذا النص سؤالا وجوابا : 1 - أن الطائفة لم تختلف في أصل ( أن الأئمة يعلمون متى يموتون ، وما يجري عليهم ) لكن المرتضى خالف في خصوص ( الوقت المعين ) للقتل ، هل يعرفه الإمام بالتفصيل ، أو يعرفه بالإجمال ؟ وأما العلم بحوادث أخر فهو - أيضا مجمع عليه ، ولا خلاف فيه . 2 - أن الأخبار التي ظاهرها العلم بالتفصيل - حتى بوقت الموت - متضافرة وواردة ، وإنما القائل بالإجمال يحاول تأويلها ! 3 - أن القائل بالإجمال إنما صار إلى ذلك ، لتصوره أن أمرا مثل الإقدام على الشهادة أمر لا يمكن التعبد به ، لأنه قتل قبيح ، ولا تعبد بالقبيح ! وأن دفع الضرر واجب عقلا وشرعا ، فلا يجوز تركه على الإمام .