نام کتاب : مجلة تراثنا نویسنده : مؤسسة آل البيت جلد : 35 صفحه : 18
على الهلكة ، فيجب أن لا يحاسبوا على الإقدام عليها ، أو ينهوا عن الالقاء فيها ، لأن الجاهل بالشئ لا يحاسب عليه ، ولا يكلف بالاجتناب عنه ودفعه . الأمر الخامس : أن تسمية الفعل الذي يقدم عليه الفاعل المختار سوء أو هلكة إنما يتبع المفسدة الموجودة في ذلك الفعل ، فإذا خلا الفعل في نظر فاعله عن المفسدة ، أو ترتبت عليها مصلحة أقوى وأهم في نظره من المفسدة ، لم يسم سوء ولا هلكة . فليس لهذه العناوين واقعا ثابتا حتى يقال : إن ما أقدم عليه الأئمة هو سوء وهلكة ، بل هي أمور نسبية تتبع الأهداف والأغراض والنيات ، بل يراعي في تسميتها الأهم ، فرب نفع في وقت هو ضرر في آخر ، ورب ضرر لشخص هو نفع لآخر . قال تعالى : ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ) الآية ( 216 ) من سورة البقرة ( 2 ) . وقال تعالى : ( فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ) الآية ( 19 ) من سورة النساء ( 4 ) . هذا في المنظور الدنيوي المادي ، وأما في المنظار الإلهي والمثالي ، وعالم المعنويات ، فالأمر أوضح من أن يذكر أو يكرر . فهؤلاء الأبطال الذين يقتحمون الأهوال ، ويسجلون البطولات في سبيل أداء واجباتهم الدينية والعقيدية ، أو الوطنية والوجدانية ، أو الشرف إنما يقدمون على ما فيه فخرهم ، مع أنهم يحتضنون ( الموت ) ويعتنقون ( الفناء ) لكنه في نظرهم ( الحياة ) و ( البقاء ) . كما أن المجتمعات تمجد بأبطالها وتخلد أسماءهم وذكرياتهم ، لكونهم المضحين من أجل الأهداف السامية ، وليس هناك ما يسمي ذلك ( هلاكا ) أو
18
نام کتاب : مجلة تراثنا نویسنده : مؤسسة آل البيت جلد : 35 صفحه : 18