يصدر عنه بلا واسطة يمتنع أن يصدر عن إرادته دون ذاته ، أو بالعكس . وبالجملة فصدور المتغيرات عنه سبحانه يستلزم حدوث القديم أو قدم الحادث ، ثبات المتغير أو تغير الثابت ، فلا محيص أن يكون المؤثر فيها غير الذات وهو عين نفي الجبر ونفس الاعتراف بأن هنا مؤثرا ولو ظليا وراء الذات . البرهان الثالث لإبطال الجبر قد ثبت في محله وجود الخصوصية بين العلة والمعلول ، بمعنى أنه يجب أن تكون العلة مشتملة على خصوصية بحسبها يصدر عنها المعلول المعين ، وإلا يلزم أن يكون كل شئ علة في كل شئ ، ولازم ذلك أن لا يصدر من البسيط الواحد إلا الواحد ، إذ لو صدر شيئان متغايران لاقتضت كل خصوصية تركب الذات البسيطة من شيئين وهو محال . وإن شئت قلت : إنه سبحانه هو البسيط غاية البساطة ، لا تركب في ذاته ولا هو ذو أجزاء فلا جنس ولا فصل له ولا مادة ولا صورة ، عينية كانت أو ذهنية ، ولا هو متكمم حتى يتألف من الأجزاء المقدارية ، فهذا الوجود البحت البسيط يمتنع أن يكون