عن الواجب سبحانه ، إذ لو استغنى في مقام الخلق والإيجاد يلزم انقلاب الفقير بالذات إلى الغني بالذات ، لأن الفقير ذاتا فقير فعلا ، والمتدلي وجودا متدل صدورا . وإن شئت قلت : إن الإيجاد فرع الوجود ولا يعقل أشرفية الفعل من الفاعل ، فلو كان مستقلا في الإيجاد لصار مستقلا في الوجود ، فالقول بأن ممكن الوجود مستقل في فعله ، يستلزم انقلاب الممكن بالذات إلى الواجب بالذات وهو محال ، قال سبحانه : * ( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ) * [1] . وقال سبحانه : * ( يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب * ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز ) * [2] . فتلخص من هذين البرهانين بطلان القول بالتفويض . ومادة البرهان في الأول غيرها في الثاني . فإن الأول ، يعتمد على أن المعلول لا يوجد إلا بعد الإيجاب وليس الإيجاب شأن الممكن ، لأن من طرق تطرق العدم إلى الممكن هو عدم الفاعل وليس سد هذا العدم بيد الفاعل .